كلودين عون تلقي كلمة لبنان خلال الجلسة العامة للدورة السابعة والخمسين للجنة السكان والتنمية في الأمم المتحدة في نيويورك:

“كيف للدولة اللبنانية أن تسلك نهج التنمية السكانية في ظلّ حرب إقليمية تهدد حياة مواطناتها ومواطنيها، وتنهش من مواردها الحيوية، وفي ظل أزمة نزوح طالت مدتها، وباتت تهدد هيكلية بنيتها الاجتماعية ؟”

ألقت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلمة لبنان خلال الجلسة العامة للدورة السابعة والخمسين للجنة السكان والتنمية في مقرّ الأمم المتحدة في نيويورك، تحت عنوان “تقييم حالة تنفيذ برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية وإسهامه في متابعة واستعراض خطة التنمية المستدامة لعام 2030″، وجاء فيها: “يلتزم لبنان بالتوصيات الصادرة قبل ثلاثين عاماً عن المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، على الرغم من المصاعب. فخلال السنوات الأخيرة، تتالت الأزمات في لبنان، وتراكمت تداعياتها، من تفاقم الأزمة المعيشية وانهيار العملة وتصاعد البطالة، إلى تعثر عمل المؤسسات السياسية والإقتصادية، فتداعيات الأزمة في سوريا وتزايد عدد النازحين السوريين، وصولا إلى تمدد الحرب في غزة إلى لبنان.

في ظل هذه الظروف الحالكة، وبعد قمة نيروبي المنعقدة في العام 2019، ركزت الحكومة اللبنانية بالتعاون مع المنظمات الدولية، على العمل لتحقيق التقدم في مجالات الصحة الجنسية والإنجابية ومكافحة العنف ضد النساء والفتيات، واعتماد سياسات إجتماعية وإنمائية دامجة للشباب.

‏فبعد إقرار أحكام تشريعية جديدة تؤمن حماية أكبر لضحايا العنف الأسري، ومنها شمول هذا القانون للعنف الإقتصادي والنفسي، تمت مأسسة الرصد الشهري لحالات العنف المبلغ عنها لدى قوى الأمن الداخلي عبر الخطوط الساخنة. كما اعتمدت وزارة الشؤون الاجتماعية وثيقة إجراءات تشغيلية وطنية موحدة  لمواجهة العنف القائم على الدور الاجتماعي، وتم تنظيم تدريبات للعناصر الأمنية وللإختصاصيات والإختصاصيين في العمل الاجتماعي حول التعامل مع حالات العنف ضد النساء والفتيات، إضافة إلى نشر الوعي لدى التلامذة حول سبل مواجهته.”

وأضافت: “كذلك بعد إقرار قانون يجرم التحرش الجنسي، تم إعداد سياسات نموذجية للقطاعين العام والخاص، للوقاية والاستجابة ومعاقبة التحرش الجنسي في إطار العمل، ونحن بصدد تنفيذ برنامج متكامل يستهدف القضاة والمحامين لتطبيق هذا القانون. كما تم اعتماد قانون يفرض المساواة بين الجنسين في الإستفادة من تقديمات صندوق الضمان الإجتماعي، وصدق لبنان على اتفاقية الامم المتحدة لحقوق  الاشخاص ذوي الاعاقة وعلى البروتوكول الاختياري المرافق لها.”

‏وتابعت: “نحقق تقدما في الخدمات الصحية المتوفرة في مراكز الصحة الأولية والمستشفيات، وعدد من المستوصفات الخاصة التي باتت تشمل خدمات رعاية الصحة الإنجابية والجنسية وخدمات الكشف المبكر عن سرطان الجهاز التناسلي. كما نعمل مع المنظمات الشبابية لنشر المعرفة بالطرق السلمية لحل النزاعات، وهذا موضوع سوف يشكل ركناً أساسياً من الخطة الوطنية الثانية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، التي كلفت الحكومة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بإعدادها. وهنا نشير إلى أنه تم اعتماد استراتيجية وطنية للمرأة لغاية العام 2030، أعدت بنهج تشاركي مع جميع مكونات المجتمع اللبناني من القطاعين العام والخاص، وخطة عمل أولى لتطبيقها، واستراتيجية للحماية الإجتماعية، واستراتيجيات وخطط عمل تتعلق بمكافحة الفقر والعنف ضد النساء، والزواج المبكر وتطوير الخدمات الصحية ورعاية المسنين، يتم التشبيك فيما بينها.

‏لكن، مع ازدياد تفاقم الوضع الإقتصادي وارتفاع معدلات البطالة التي طالت نسبة 47.8% من الشباب والشابات في العام 2022، تزداد صعوبة وضع الإجراءات التي تتضمنها هذه الاستراتيجيات والخطط موضع التنفيذ. وفي وقت ترتفع فيه نسبة الهجرة في صفوف الشباب اللبناني، تزداد تعقيداً الحلول التي يمكن التوصل إليها لمعضلة النازحين السوريين، إذ تزداد أعدادهم في كل يوم بفعل الولادات، ومعظمها غير مصرح عنها، وبفعل استمرار التوافد بالطرق غير الشرعية، كما بسبب عدم التوافق الدولي على صيغة حل تعيدهم إلى بلدهم. ذلك إلى جانب نسبة الزواج المبكر في لبنان التي ارتفعت مع النزوح السوري، وبالتالي، فكل ما تقدم، يساهم يوما بعد يوم، في تغيير هوية بلداتنا، وبالتالي وطننا.”

فكيف للدولة اللبنانية أن تسلك نهج التنمية السكانية في ظل حرب إقليمية تهدد حياة مواطناتها ومواطنيها، وتنهش من مواردها الحيوية، وفي ظل أزمة نزوح طالت مدتها، وباتت تهدد هيكلية بنيتها الإجتماعية؟

وختمت: “الحل في لبنان يحتاج أولاً إلى تضامن دولي يفرض إحلال السلام في المنطقة، وعودة النازحين إلى بلدهم، ويتيح تاليا للدولة اللبنانية تكريس إمكاناتها لمعالجة القضايا الإنمائية، وأولها هجرة الشباب، وإشراك النساء في الحياة السياسية والإقتصادية، وتلبية حاجات مجتمع يزداد فيه التعمر السكاني.”