كلودين عون خلال ورشة عمل حول المراجعة الوطنية الشاملة لإعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عاماً:
“المطلوب اليوم، هو القيام بجردة حساب شاملة، فعلى الرغم من الصعوبات الناتجة عن الأزمات المتراكمة المتزامنة والمتجددة، يبقى خيارنا المثابرة في السعي إلى توجيه أعمالنا حسب التوجهات المؤدية إلى تنمية مستدامة، تتمحور أولا حول التنمية الإنسانية، وحول الشراكة المبنية على المساواة، التي ينبغي أن تتّسم بها العلاقات الإنسانية بين الجنسين.”

تحضيراً لإعداد تقرير لبنان حول تطبيق إعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عاماً، نظّمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالشراكة مع اللجنة الاقتصادية الاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ورشة عمل حول المراجعة الوطنية الشاملة لإعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عاماً.
شارك في الاجتماع السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية والسيدة جيلان المسيري ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان والدكتورة سلمى النمس مسؤولة أولى للشؤون الاجتماعية والمساواة بين الجنسين في الإسكوا، وممثلات/ون عن الوزارات والإدارات الرسمية ومنظّمات المجتمع المدني والنقابات والجامعات والمؤسسات الإعلامية.
افتتحت السيدة عون اللقاء بكلمة جاء فيها: “قبل 29 عاماً في أيلول 1995، شارك لبنان في المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة، وكان من بين 189 دولة، أصدرت إعلان بيجين الذي أكد على تساوي النساء والرجال في الحقوق والكرامة، وعلى التزام الدول المشاركة بمنهاج العمل الذي أقره المؤتمر. مثل منهاج عمل بيجين في الواقع، جدول أعمال لتمكين المرأة، وهدف إلى إزالة العوائق التي تحول دون مشاركة المرأة، مشاركة فعالة في جميع مجالات الحياة العامة والخاصة. كما رمى إلى دعم تطبيق إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي كان قد سبق للجمعية العامة للأمم المتحدة أن اعتمدتها في العام 1979، والتي دخلت حيز التنفيذ في العام 1981 ووضعت المعايير الدولية للمساواة المقصودة بين الرجل والمرأة.”
وتابعت: “لقد شكلت مشاركة لبنان في مؤتمر بيجين، منعطفا رئيسيا في تطور مسار الحركة النسائية فيه، وفي الاعتراف الرسمي والصريح بمبدأ المساواة بين الجنسين. وعلى أثر هذه المشاركة، انضمّ لبنان إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة “سيداو” في تموز 1996، ومن ثم، وتطبيقا لتوصيات منهاج عمل بيجين، شكلت الدولة اللبنانية اللجنة الوطنية لمتابعة شؤون المرأة اللبنانية وبعد عامين، في عام 1998، أنشئت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. بديهي القول أنه على الرغم من الإعتراف في معظم بلدان العالم بالمساواة بين الجنسين، لا تزال هذه المساواة بعيدة عن التحقيق، لكن مع التأكيد على أن هناك معالم ثابتة تدل على إحراز تقدم في المسالك المؤدية إليها، والتي سبق أن رسمها منهاج عمل بيجين.
‏يرمي اليوم لقاؤنا إلى تحديد موقع لبنان على هذه المسالك: أين نحن من المساواة بين الجنسين في الاستفادة من الحماية من العنف ومن الحماية الاجتماعية ومن الفرص الاقتصادية المتاحة؟ وأين نحن من المشاركة الفعلية للنساء في اتخاذ القرارات على الصعيدين الخاص والعام؟ وماذا حققنا على صعيد الاعتراف بالحقوق المتساوية للنساء والرجال، ولسد الفجوة الموروثة الفاصلة بين موقعهما في المجتمع؟”
وأضافت: “المطلوب اليوم، هو القيام بجردة حساب شاملة، فعلى الرغم من الصعوبات الناتجة عن الأزمات المتراكمة المتزامنة والمتجددة، يبقى خيارنا المثابرة في السعي إلى توجيه أعمالنا حسب التوجهات المؤدية إلى تنمية مستدامة، تتمحور أولاً حول التنمية الإنسانية، وحول الشراكة المبنية على المساواة، التي ينبغي أن تتّسم بها العلاقات الإنسانية بين الجنسين. إن مساهمتكم في القيام بهذا التقييم لتطبيق منهاج عمل بيجين، من جانب مؤسسات الدولة اللبنانية، كما من جانب مؤسسات المجتمع المدني، سوف تساعد جميع الأطراف المعنية التي شاركت في وضع الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان لغاية العام 2030 وفي رسم الخطة الأولى للعمل بها خلال السنوات الثلاث المقبلة، على التنفيذ الفعلي للتدخلات التي تم تحديدها. وسوف تساعد مساهمتكم كذلك، الجهات الرسمية التشريعية والتنفيذية والجهات المدنية كافة، على بناء سياساتها وقراراتها على معطيات الواقع، مع أخذ التحديات بعين الاعتبار بغية التمكن من تخطيها.”
وختمت: “أشكر مشاركتكم، وعزيمتكم وإصراركم على استكمال العمل للمضي بتحقيق أهدافنا.
وأتوجه بالشكر إلى الاسكوا وإلى هيئة الأمم المتحدة للمرأة لدعمهما ومشاركتهما الهيئة الوطنية لشؤون اللبنانية في تنظيم ورشة العمل هذه، وأتمنى لكن ولكم، جلسات عمل موفقة.”

بعدها ألقت د. النمس كلمة أبرز ما جاء فيها: “”نجتمع اليوم في ظرف يفرض علينا الكثير من التساؤلات والتحديات التي تتعدى قضايا المساواة بين الجنسين، لتشمل الأطر الدولية لحقوق الإنسان بشكل عام وتلقي بظلالها على الجهود الوطنية والإقليمية لنساء المنطقة لتحقيق المساواة وحماية النساء والفتيات من التمييز والعنف.”
وأضافت: “وما اجتماعنا اليوم إنما لنقول أن المشكلة هي ليست في الأطر بل بتطبيقها، وأننا هنا لنؤكد أن هذه الأطر غير قابلة للتقسيم، وأن حقوق الأنسان هي لكل إنسان أينما كان، ولكل النساء وليس لبعض النساء.”
وتابعت: “أود أن أثني على النهج التشاوري والتشاركي الذي أتخذته الهيئة الوطنية في الأعوام المضية في مراجعة الخطط وأعداد الاستراتيجيات الوطنية الخاصة بالمساواة بين الجنسين، وتعد هذه الورشة حول المراجعة الوطنية الشاملة لإعلان ومنهاج عمل بيجين بعد 30 عامًا هذه تأكيدا على الالتزام بهذه المسيرة الهامة والتي تقع في صلب التنمية المستدامة، وعلى استمرار النهج التشاركي مع كافة الشركاء وأصحاب المصلحة.”
وختمت: “وعليه تكون هذه الورشة الخطوة الأولى على المستوى الوطني في هذا المسار الذي سيشكل الرؤية العربية للمساواة بين الجنسين. حيث نسعى في الإسكوا لتوفير الدعم اللازم للبنان لضمان نجاح هذه العملية والتي تعتمد على المشاركة الفاعلة من جميع الأطراف والتنسيق العالي المستوى ما بينهم وتوفير المعلومات والبيانات المحدثة والمصنفة اللازمة وفي الوقت المناسب.”

وألقت السيدة المسيري كلمة قالت فيها: “يحتفل المجتمع الدولى في عام 2025 بالذكرى الثلاثين للمؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة واعتماد إعلان ومنهاج عمل بيجين من قبل 189 دولة كانت مجتمعة فى الصين، وبمرور عشر سنوات على إقرار خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة التابعة لها لذا أهمية اجتماعنا اليوم بهدف التحضير لإعداد مراجعة وطنية شاملة مستندة على بيانات جيدة بالشراكة مع جميع الجهات المعنية للوقوف على اوجه التقدم والعقبات والدروس المستفادة فى تحقيق المساواه بين الجنسين وتمكين النساء والفتيات على كافة الاصعدة”. وأضافت: “علينا دائماً توسيع نطاق المشاركين والمتضامنين مع قضية تمكين المرأة، وبالتالي اعتبارها قضية محورية وليست ثانوية، لأهميتها سواء على مستوى الأسرة أو المجتمع او فى تحقيق النمو الاقتصادى الشامل. ان نسب الاسر التى تعولها نساء فى لبنان تمثل حوالى واحد من خمسة حيث تزيد نسب الفقر بها كما لا تزال نسب المشاركة الاقتصادية للنساء ضئيلة وتتركز فى القطاع غير الرسمى بدون عقد عمل او حماية اجتماعية وتقوم باعمال الرعاية بنسب كبيرة وتتعرض لاشكال مختلفة من العنف. كما اثنت على الجهود التى تقوم بها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية فى دعم دور المرأة على الرغم من كل التحديات والعوائق التي توجهه الدولة”.
أدارت جلسات اللقاء الدكتورة النمس، وخلال الجلسة الأولى قدّمت عرضاً حول إعلان ومنهاج عمل بيجين وخطة التنمية المستدامة لعام 2030 ومقدمة حول المراجعة الوطنية الشاملة لإعلان ومنهاج عمل بيجين وهيكلية التقرير .
ثمّ عرضت السيدة ريتا قزّي مسؤولة إدارة المعلومات في الهيئة الوطنية خلال الجلسة الثانية، التقدم المحرز نحو تنفيذ إعلان ومنهاج عمل بيجين+25 والتحديات التي تمّ مواجهتها، وقدّمت السيدة ميشلين الياس مسعد المديرة التنفيذية للهيئة الوطنية عرضاً تمحور حول أولويات العمل بحسب محاور التقرير الستة بناء على الوثائق الوطنية حول المرأة في لبنان.
أما الجلسة الثالثة فتمحورت حول التخطيط لعملية المراجعة الوطنية الشاملة وتمّت مناقشة بين المشاركين/ات عملية جمع البيانات والنصائح حول جمع المعلومات بحسب محاور التقرير.
واختتم اللقاء بتبادل النقاشات بين الحاضرين.