كلودين عون خلال طاولة مستديرة حول خدمات رعاية الأطفال في لبنان في إطار برنامج البنك الدولي لتمكين المرأة في المشرق:
” ندعو إلى فتح حوار حول السبل التي من شأنها التوصل إلى توزيع مسؤوليات رعاية الأولاد بين الوالدة والوالد، والبحث في سبل تطوير وتوسيع نطاق الخدمات التي توفرها دور الحضانة في لبنان.”

 

٢٤/٠٢/٢٠٢٢بالشراكة مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية،عقدت مجموعة البنك الدولي في إطار برنامج تمكين المرأة في المشرق  (MGF)، طاولة مستديرة مع منظمات المجتمع المدني والجامعات والمنظمات الدولية المعنية بالتنمية، بهدف التعريف بالنتائج الأولية للدراسة التقييمية الشاملة  لخدمات رعاية الأطفال في لبنان. وتُبيّن هذه الدراسات ضرورة تطوير وتطبيق إطار العمل لزيادة إمكانيات الوصول إلى خدمات نوعية مقبولة التكلفة لخدمات رعاية الأطفال في لبنان، كعامل ممكِّن للنساء لمشاركتهنّ في القوى العاملة وكعامل مروّج لقطاع خدمات رعاية الأطفال مدعوم من جانب أصحاب الأعمال.

وسوف تعقد طاولة مستديرة ثانية حول الموضوع نفسه مع ممثلين/ممثلات عن الجهات الحكومية المعنية، بهدف مناقشة التوصيات الخاصة لاعتماد سياسات عامة وأدوات تكتيكية مناسبة لإصلاح تنظيم القطاع.

افتتح اللقاء بكلمة للسيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية قالت فيها: “تعمل الهيئات والمنظمات النسائية لرفع مستوى مشاركة النساء في العمل الاقتصادي، هدفنا الأول في ذلك أن تتوفر للنساء استقلالية مالية تتيح لهنّ اتخاذ القرارات بأنفسهنّ في توجيه مسار حياتهن، فهذه هي وسيلة أساسية لتمكينهن. من هذا المنطلق، رمى البرنامج الإقليمي لتمكين المرأة في المشرق بمبادرة من البنك الدولي ودعم من الحكومة الكندية والحكومة النَرويجية، الذي بدأ العمل به بمشاركة الحكومة اللبنانية في تموز 2019، إلى زيادة معدل مشاركة النساء في القوى العاملة بنسبة لا تقلّ عن 5% بحدود العام 2024. ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية واشتدادها بتلازمها مع أزمات صحية وسياسية ونقدية ومصرفية وهبوط القيمة الشرائية للعملة الوطنية بنسبة 90% وارتفاع نسبة التضخم المالي إلى حوالي 145 % خلال العام 2021، واتّساع رقعة الفقر لتطال حوالي 74% من السكان، لم يعد السعي إلى رفع مستوى المشاركة الاقتصادية للمرأة مطلباً يرتبط فقط بضمان حقوق النساء، بل أصبح مطلباً اقتصادياً بحدّ ذاته.”

أضافت: ” باتت اليوم البلاد بحاجة إلى حلول اقتصادية، ويبدو واضحاً أنّ من هذه الحلول إيجاد السبل للإستفادة من كافة الطاقات الموجودة لدى الموارد البشرية المتوفرة وخاصة لدى النساء. ففي لبنان لا تقلّ النساء علماً وقدرة عن الرجال ومع ذلك هنّ لا يشكّلن سوى 25% من القوى العاملة. ودلّت الدراسات أن السبب الأول تذكره النساء لعدم إقدامهن على القيام بعمل ذات طبيعة اقتصادية هو عدم تمكنهنّ من تأمين الرعاية لأطفالهنّ. من هنا أتت المسودة الأولى للدراسة التي نناقشها اليوم تلبية للحاجة إلى التعرف على وضع الخدمات المتوفرة اليوم في لبنان لرعاية صغار الأطفال قبل سنّ التحاقهم بروضات الأطفال في المدارس، أي قبل بلوغهم سنّ الثالثة من العمر. في هذه الفترة من العمر يكون الطفل بحاجة إلى خدمات مستمرة وإلى اهتمام لا ينقطع. وشرط جودة الخدمات، هو الشرط الأول الذي يطالب به الوالدان قبل اتخاذ القرار بتسجيل الطفل في دار حضانة. هذا بالطبع إذا ما توفّر وجود مثل هذه الدار في نطاق سكنهم أو عملهم وإذا كانت التكلفة المطلوبة تتناسب مع المدخول الذي للوالدة أن تجنيه من العمل الاقتصادي الذي تقوم به.”

وتابعت: ” حول هذه المواضيع تعلمنا الدراسة التقييمية الأولية للعناية بصغار الأطفال في لبنان التي أنجزت بين عامي 2020 و2021 أن معظم دور الحضانة في لبنان قائمة في المدن الساحلية وهي قليلة في البعض من الأقضية وغير متوفرة بتاتاً في بعضها الأخرى. تعلمنا الدراسة أيضاً أن غالبية دور الحضانة هي مؤسسات خاصة، وهي حالياًّ تواجه صعوبات كبيرة من جراء فترات الانقطاع عن العمل بسبب الوباء ومن جراء الأزمة الاقتصادية، وتعلمنا أيضاً أن ارتفاع الأسعار يزيد من صعوبة تحمل الأهل لتكاليف التسجيل. ما نلاحظه أيضاً من خلال هذه الدراسة، هو أن المناطق التي ترصد فيها الأعداد الأكبر من الأطفال المسجلين في دور الحضانة هي المناطق التي تشهد النسب الأكبر من الالتحاق النسائي في سوق العمل، الأمر الذي يثبت أهمية توفّر دور الحضانة بغية التوصل إلى زيادة في المشاركة النسائية في سوق العمل. بالإضافة إلى ذلك، يتضّح من النتائج التي توصّلت إليها الدراسة إلى أن النساء على استعداد، بنسب مرتفعة للمباشرة في العمل، للمبادرة إلى تأسيس عمل أو للعمل لساعات أطول، إذا ما توفّر لهنّ الوصول إلى خدمات مجانية للعناية بالأطفال.”

وقالت: ” إن الأزمات التي نعايشها اليوم، حتّمت علينا تغيير أوجه عديدة من أنماط عيشنا. فنحن اليوم مضطرون إلى الوقوف في وجه الضغوطات المعيشية وإلى حماية أنفسنا وأسرنا من الآفات الاجتماعية التي تتفاقم عادة خلال الأزمات الاقتصادية. لذا فإن إتاحة المجال أمام النساء كي يعملن ويساهمن في تعافي أوضاع أسرهنّ، باتت موضوعاً أساسياً يعني المجتمع بأسره وليس فقط الهيئات والمنظمات النسائية.  لذا واجب علينا أولاً، أن نعمم هذه المقاربة في مجتمعاتنا، ولنا ثانياً أن نعمل لايجاد الشروط التشريعية والعملية لتشجيع النساء على خوض مجال العمل الاقتصادي.

ذلك بتأمين المساواة الفعلية مع الرجال في ما يختصّ بالبدائل المالية للعمل المماثل، وبتأمين بيئة صديقة للنساء في أماكن العمل، خالية من خطر التعرّض للمس بالكرامة أو لشكل من أشكال التحرش الجنسي، ولنا أخيراً وليس آخراً أن نعير الاهتمام الكافي للسبب الرئيسي الذي تورده النساء نفسهن لعدم الخوض في سوق العمل أو للاعتزال المبكر عن العمل، وهو ضرورة التفرع للعمل المنزلي ولرعاية الأطفال وشؤون الأسرة. ينبغي أن يكون واضحاً أن الاهتمام بصون رعاية الأولاد وتلاحم الأسرة، يشكل ركيزة لتمكّن أي مجتمع من تخطي الصعوبات التي تعترضه. لكن كي يكون هذا الاهتمام مفيداً لأفراد الأسرة كافة، ينبغي أن تكون أعباء المسؤوليات التي يتطلبها، موزعة بشكل متناسق بين ربات الأسر وأربابها، كما ينبغي أن يكون المجتمع مدركاً لواجباته في تحمل قسط منها.”

وختمت: ” ندعو اليوم في مناسبة مناقشة هذه الدراسة، إلى فتح حوار حول السبل التي من شأنها التوصل إلى توزيع مسؤوليات رعاية الأولاد بين الوالدة والوالد. كما ندعو إلى البحث مع جميع المعنيين قي المجتمع المدني، كما في القطاعين العام والخاص، في سبل تطوير وتوسيع نطاق الخدمات التي توفرها دور الحضانة في لبنان. أشكر البنك الدولي وبرنامج تمكين المرأة في المشرق ومؤسسة “Statistics Lebanon” لوضع هذه الدراسة التقييمية الشاملة لقطاع الرعاية بصغار الأطفال في لبنان وأشكر لكم مشاركتكم في هذا اللقاء.”