كلودين عون في جلسة نقاش مع إعلاميين/ات حول “تغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام” من تنظيم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة ومكتب اليونسكو في بيروت:

” تعوّل الهيئة كثيراً على الإعلام لدعم مطالباتها وهي تعتبر الإعلاميات والإعلاميين من جنودها المجهولين.”

 

20/10/2021عقدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت جلسة نقاش حول “تغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام” وذلك في إطار برنامج “دور المؤسسات الإعلامية في تعزيز أوضاع النساء” الذي تنفّذه الهيئة واليونسكو.

شارك في اللقاء إعلاميات وإعلاميون من عدد من المؤسسات الإعلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة والإلكترونية. ويأتي هذا اللقاء في إطار تنفيذ التدخلات التي أوردتها الخطة الوطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن والتي أقرتها الحكومة عام 2019 والتزمت الدولة اللبنانية بتنفيذها.

 

وافتتح اللقاء بكلمة للسيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية قالت فيها: “تطغى على اهتماماتنا اليوم الاهتمامات الأمنية والسياسية وبالتالي تطغى في الإعلام الأخبار والتحاليل والتقارير عن الأوضاع السياسية. مع ذلك فإن أية رغبة في فهم حقيقة الأوضاع والتطورات تنقل متلقي الخبر كما صانعه إلى حيز آخر هو حيز الأرضية الاجتماعية التي منها تنطلق المواقف السياسية والتي فيها تتشكل الإصطفافات السياسية. من هذه القاعدة الاجتماعية تنبثق ثقافة تشمل المقاربات التي يتم تبنيها في المواقف السياسية كما في أنماط العلاقات البشرية.”

وتابعت: “عندما نتحدث عن الثقافة، نعلم أننا نتحدث عن مفهوم مركَّب تدخل في تكوينه عوامل متنوعة، ترتبط بالمجال الفكري والعلمي والفني وتتجلى بأنماط عيش متنوعة. ونعلم أيضاً أننا عندما نتناول موضوع الثقافة الاجتماعية نتوغل في نطاق ما هو متحوِّل. فالثقافة تتبدل بشكل طبيعي مع تبدل ظروف الحياة السياسة والاقتصادية وتغيير الشروف المعيشية وطبيعة العلاقات البشرية. مع ذلك نرى أن التطور الثقافي يبقى في كثير من الأحيان قاصراً عن استيعاب المتغيرات فيبقى خطابه معبراً عن أنماط عيش مر عليها الزمن وعن صور للذات وللآخر لم تعد ممثلة لواقع الحال.”

وأضاقت: ” في موضوعنا، يُخال مثلاً عند استعراض مضمون القوانين التي ترعى شؤون الأسرة، أن صورة المرأة التي تستند إليها هذه القوانين، هي الصورة النموذجية التي كانت للنساء في القرن التاسع عشر وما قبله في عصور لم يكن للفتاة فيه أن تتعلم ولا للمرأة أن تعمل.

واضح هنا أن للإعلام دوراً كبيراً في التأثير على الثقافة في المجتمع. فوظيفة الإعلام الأولى، في شتى أشكاله، المكتوبة والسمعية والبصرية والإلكترونية هي تمكيننا أولاً من معرفة العوامل المؤثرة في عالمنا وفي بيئتنا، ومساعدتنا بالتالي على بناء الآراء حيالها. لذا فإن الإعلام الحر هو من أركان الحياة الديموقراطية وهو أيضاً بطبيعته لا ينفصل عن الحياة الثقافية. بالنسبة إلى القضايا المتعلقة بأوضاع النساء في المجتمع، لوسائل الإعلام – التي نعتمد عليها لرفدنا بالخبر الصحيح وبالتقرير الأمين وبالتحليل السديد- أن تقوم بدور أساسي. فالإعلام قادرٌ على أن يثبت في الأذهان الصور التقليدية النمطية للمرأة المستضعفة التي تحتاج دائماً إلى وصاية الرجل والتي قد تستحق أحياناً منه التأنيب والتعنيف إذا رأى في ذلك ضرورة؛ والإعلام قادر في المقابل على إظهار المرأة في الواقع الذي نشهدها فيه باستمرار: مشهد الإنسانة الناشطة في شتى ميادين العمل والعمود الفقري للأسرة.”

وقالت: “ليس الإعلام بعالم مجازي، فأنتم حضرات السيدات والسادة المجتمعين اليوم في هذا اللقاء، تجسدون عالم الإعلام. وأنتم أول العارفون بأن الخطاب الإعلامي يؤثر بالمضمون وبالمعاني التي يحملها كما بالشكل الذي يتم اعتماده لتقديم هذا المضمون وهذه المعاني. وتعلمون أيضاً أن لأسلوب الكتابة أو التقديم دوراً في الترويج للمساواة بين النساء والرجال أو بالعكس لاستهجان قيام المرأة بأدوار يعتقد أنه يجب أن تكون محصورة بالرجل. كذلك نعلم جميعاً أنه باختيار أمثلة شعبية معينة، أو بوضع الأمور في إطار هزلي بإمكان الإعلامي أن يوثر على اللاوعي لدى قارئ المقال او لدى مشاهد البرنامج. كذلك فإن تسليط الإعلام الضوء على مواضيع تبرز النساء والأدوار التي يقمن بها في المجتمع، في المعترك الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، كما في رعاية شؤون الأسرة يكسبها هذه المواضيع أهمية لدى القادة السياسيين ويحملهم على عدم إهمالها. وأكثر من ذلك فإن للإعلام دوراً أساسياً يلعبه في الكشف عن مواطن الظلم التي تعاني منها النساء من جراء الأحكام التمييزية التي لا تزال تتضمنها بعض قوانيننا ومن جراء افتقار بعض القوانين الأخرى إلى بنود تفرض التدابير الكفيلة بإحقاق المساواة. كذلك للإعلام أن يلقي الضوء على المجالات العديدة للأسف، التي يتم فيها التغاضي عن تنفيذ قوانين داعمة لقضايا النساء، كما على المجالات التي يسجل فيها نقصاً في التشريع المطلوب لإحلال المساواة فيها بين النساء والرجال إنطلاقاً من مبادئ حقوق الإنسان.”

وتابعت: ” بدأت النهضة العربية في أوائل القرن الماضي منطلقة من رغبة في استعادة رونق الثقافة العربية، كان حينه الإنتاج الأدبي والصحافي أبرز وسائل روادها في الوطن كما في المهجر. في حينه كان ينظر إلى قضية تعليم الفتاة على أنها مفتاح تطور المجتمعات. اليوم نعمل في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على مستويات متنوعة لتحقيق المساواة بين النساء والرجال ونعتبر أن من شأن إحقاق هذه المساواة أن يساعد على تجديد الطاقات في مجتمعنا وعلى تخطي الأزمات. لذا تعمل الهيئة اليوم من اجل اعتراف المشترع بحق اللبنانية في نقل جنسيتها إلى أولادها ومن أجل منع تزويج القاصرات ومن أجل إدخال العمل بالكوتا النسائية في قانون الانتخابات النيابية لتسهيل تكوين كتلة نسائية حرجة في مجلس النواب. وعلى الرغم من الصعوبات تتابع الهيئة جهودها في هذه المواضيع.”

وختمت إن “الهيئة تعول كثيراً على الإعلام لدعم مطالباتها وهي تعتبركم حضرات الإعلاميات والإعلاميين من جنودها المجهولين. أشكر مكتب اليونسكو الإقليمي في بيروت على تعاونه مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في تنظيم هذه الدورة وأشكر مشاركتكم وأتمنى لكم جلسات عمل موفقة.”

بعدها ألقى السيد جورج عوّاد مسؤول برامج الاتصال والمعلومات في مكتب اليونسكو كلمة شدّد فيها: “على أهمية اكتساب المفاهيم الأساسية للنوع الاجتماعي وتسليط الضوء على الممارسات المثلى آخذين بعين الاعتبار المعايير الدولية”.

وأضاف: ” إن المساواة بين الجنسين هي إحدى أولويات منظمة اليونسكو حيث توفّر المنظمة منصّة لجميع أصحاب المصلحة للمشاركة في النقاشات الدولية حول السياسات والمبادئ التوجيهيّة في مجال إحقاق المساواة.”

وختم: “نشدّد على أهمية المواد والأدوات المتوفرة لخلق الوعي والدعوة لتنفيذ تدابير المساواة لتحسين حياة الناس اليومية.”

وسيستتبع هذا اللقاء بجلسة حوار ثانية مع الإعلاميين/ات من المؤسسات الإعلامية المرئية والمكتوبة والمسموعة والإلكترونية لاستكمال مناقشة موضوع تغيير الصورة النمطية للمرأة في الإعلام.