كلودين عون في حلقة نقاش بعنوان “تعزيز دور النساء في المؤسسات الأمنية في لبنان” من تنظيم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية:

” العمل بمبدأ المساواة يستتبع أن تكون جميع الميادين مفتوحة أمام مشاركة المرأة وألا يتم استثناء بعضها من هذه المشاركة، وميدان الأمن كما ميدان الدفاع هما مجالان حيويان في حياة المجتمع.”

يضم برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي جهوده إلى جهود الهيئة الوطنيّة لشؤن المرأة اللّبنانيّة في سبيل مناصرة زيادة مشاركة المرأة في المؤسّسات الأمنيّة اللّبنانيّة، كجزء من الاحتفالات باليوم العالمي للمرأة. ويُعبّر البرنامج والهيئة، من خلال سلسلة حلقات نقاش عبر الإنترنت، عن الحاجة إلى وضع أطر مؤسّسيّة تضمن مشاركة المرأة وتعزّز دورها في المؤسّسات الأمنيّة، بما في ذلك مناصب صنع القرار. كما تأتي هذه اللقاءات الافتراضية استكمالاً لتنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن التي تنسّق الهيئة الوطنية عملية تنفيذها.

وفي حين لا يزال تمثيل المرأة في لبنان في المؤسّسات الأمنيّة خجولاً، تواجه النساء تحدّيات مهمّة في المناصب التي يشغلنها. وعلى الرّغم من ارتفاع نسبة توظيف النّساء في المؤسسات الأمنية وازدياد حجم أدوارهن ونطاق عملهن، فإنّ هذه المكاسب تظل هشة في غياب الإصلاح السياسي والتشريعي المستدام.

وفي هذا الإطار، أطلقت السّيّدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤن المرأة اللّبنانيّة الجلسة الحوارية الأولى بحضور نائب السفير البريطاني في لبنان السيدة أليسون كينغ، بعنوان تعزيز دور النساء في المؤسسات الأمنية في لبنان، نقاش حول أهمية مشاركة النساء في المؤسسات الأمنية. شارك في حلقة النقاش الأستاذ أسعد زغيب رئيس بلدية زحلة، والمقدم المعلوماتي من قوى الأمن الداخلي ديالا المهتار، والكابتن رولا حطيط أول قبطان طائرة في لبنان، والسيدة كريستال سماحة خبيرة في الأمن المجتمعي، وأدارت اللقاء السيدة حياة مرشاد الصحافية والناشطة النسوية.

وألقت السيدة عون كلمة افتتاحية قالت فيها:” تفترض المساواة بين النساء والرجال المساواة في الحقوق كما في الواجبات وتفترض كذلك ألا تعترض النساء معوقات قانونية أو اجتماعية تمنعهن من القيام بأدوار كانت في الماضي حكراً على الرجال.

وتستوجب المساواة كذلك تكافؤ الفرص المتاحة للنساء والرجال لذا فإن العمل بمبدأ المساواة يستتبع أن تكون جميع الميادين مفتوحة أمام مشاركة المرأة وألا يتم استثناء بعضها من هذه المشاركة.”

وتابعت:” “ميدان الأمن كما ميدان الدفاع هما مجالان حيويان في حياة المجتمع. وقبل التطورات التقنية الحديثة، وعندما كانت المجتمعات غير منظمة في إطار الدولة والقانون، كانا هذان المجالان محصورين بمشاركة الرجال دون النساء، إذ أن الأدوار الاجتماعية كانت محددة بشكل قاطع حسب الجنس وكانت القدرة على القتال ترتكز على القوة البدنية.  الأمور تبدلت اليوم إلى حد كبير والقدرة على إحقاق الأمن وعلى الدفاع عن الوطن باتت تعتمد بالدرجة الأولى على القدرة على رسم الخطط الناجحة وعلى الدقة في التنظيم والإدارة كما على حسن استخدام التقنيات المتطورة.”

وأضافت:” من هنا غابت اليوم العوائق الموضوعية التي كانت في الماضي تمنع فتح المجال أمام النساء للمشاركة في قطاعي الأمن والدفاع، لكن ظلت قائمة العوائق العائدة إلى الصور النمطية، التي تكونت عبر العصور في الذهنيات، عن الأدوار التي ينبغي أن يقوم بها الرجال وتلك التي يجب أن تكون للنساء. وظلّت مهيمنة في مجتمعاتنا صورة الشرطي الرجل وصورة الجندي الرجل. مع ذلك قمنا في لبنان وعلى الرغم من الظروف الصعبة التي نمر بها، ببعض الخطوات الإيجابية في اتجاه مشاركة النساء في قطاعي الأمن والدفاع. فنسبة النساء في قوى الأمن بلغت 11% في العام 2019 مع الإشارة إلى أنه من المخطط أن ترتفع هذه النسبة إلى 25% في الأعوام المقبلة وتجهد قوى الأمن الداخلي في محاربة الآفات الاجتماعية المسيئة بنوع خاص إلى النساء والفتيات ومنها ظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي والتنمر بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وتقوم العناصر الأمنية النسائية بأدوار رئيسية في مكافحة هذه الجرائم.

أما في ما يتعلق بالمشاركة النسائية في القوى العسكرية، فتجدر الإشارة إلى أن مشاركة النساء في الكلية الحربية بلغت نسبة 43% وإن نسبة 5.5% من الرتباء والجنود هم من الإناث، وإن النساء يشكلن 1.5% من عدد الضباط وإن لدى الجيش خمس ضابطات برتبة عميد.”

وقالت:”من جهة أخرى، أولت الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن، التي اعتمدتها الحكومة في العام 2019 والتي تنسق الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تنفيذها، أهمية أساسية لموضوع مشاركة النساء في قطاعي الأمن والدفاع. ومن النتائج التي تتوخاها هذه الخطة زيادة تمثيل المرأة في القطاعين بنسبة 1 % سنوياً  بين العامين 2019 و 2022  وزيادة مراعاة المؤسسات الأمنية والدفاعية لاعتبارات مقاربة النوع الاجتماعي وإزالة العوائق التي تحول دون مشاركة النساء في القطاعين. وتورد الخطة من بين التدخلات التي تنص عليها بغية التقليل من حدة التوترات في المجتمعات المحلية وتوفير شروط مشاركة النساء الفاعلة في منع نشوب النزعات والحد من التشجنات، المطالبة بتعيين نساء في مناصب شرطة البلديات والعمل على أن تعمد 20 بلدية جديدة إلى ضم النساء إلى جهاز الشرطة لديها خلال الأعوام 2019 إلى 2022.

 

وفي إطار تنفيذ الخطة الوطنية يجري التحضير اليوم لإجراء دراسة ترمي إلى تحديد العوامل المؤثرة سلباً على التحاق النساء بالأجهزة الأمنية والدفاعية.”

وأضافت:” ونظراً إلى أن الخشية من التعرض للتحرش الجنسي تثني النساء عادة عن الدخول إلى قطاعات تهيمنن فيها أكثرية فائقة من الذكور، تأمل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية أن يساعد قانون تجريم التحرش الجنسي، الذي أقره مجلس النواب في أواخر العام الماضي، على تشجيع النساء على الإقدام بأعداد أكبر للمشاركة في القطاعين الدفاعي والأمني، الوطني والمحلي. وفي هذا الإطار تستعد الهيئة لتنظيم حملات توعوية للتعريف بمضامين القانون الجديد، موجهة للرأي العام كما لقطاعات محددة، ومنها البلديات.”

وختمت:” أود أن أتوجه بالتقدير والشكر إلى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي وإلى سفارة بريطانيا وسفارة كندا لتنظيم حلقة النقاش هذه حول تعزيز دور النساء في المؤسسات الأمنية في لبنان كما أتوجه بالشكر إلى المشاركين فيها.  فشعارنا لليوم العالمي للمرأة، هو، هذا العام، “خيارنا التحدي”، ولا شك في أن موضوع حلقتنا اليوم هو تحدي، سوف ننجح في مواجهته معاً.”

أما السيدة أليسون كينغ فاعتبرت أن: ” تعزيز مشاركة المرأة في المؤسسات الامنية يحسن من استجابة هذه المؤسسات لحاجات الفتيات والنساء والاولاد والرجال. وإننا نفتخر بالتزام قوى الامن الداخلي والجيش بإشراك النساء وتعزيز التنوع الجندري في كافة القطاعات الأمنية”.

وخلال النقاش أكد السيد أسعد زغيب:” أن المرأة قادرة على تحمّل كافة المسؤوليات التي تقع على كاهلها. كما وأن مشاركتها في شرطة البلدية تنعكس بصورة إيجابية على الامن البلدي خاصة في طريقة التعاطي مع المواطن/ة والاحترام المتبادل بينهما. يجب ان يكون التوظيف في الشرطة البلدية قائماً على معيار الكفاءة ووفقًا لامتحان دخول يكفل مشاركة الرجال والنساء”.

وقالت المقدم ديالا المهتار:”من أبرز التحديات التي واجهتها هو الدخول الى قطاع هو في الاساس حكراً على الرجال، إلا اننا اليوم نرى وجود النساء في كافة القطاعات في قوى الامن الداخلي في المهتم كافة وليس فقط الادارية منها. كما أن هذا الوجود هو علامة فارقة للمديرية خاصة فيما يتعلّق بقضايا الاتجار بالاشخاص، الشرطة المجتمعية والعنف الاسري. ونشير الى أن مديرية قوى الامن الداخلي تكفل المساواة في التراتبية والاجر والوصول الى الخدمات”.

ورأت الكابتن رولا حطيط: “أن مع تطور التكنولوجيا اليوم، أصبحت مهنة الطيران بحاجة الى ذكاء ومهارات إدارية وليس إلى قوة جسدية، لذا علينا تأمين فرص للنساء وتعديل وإقرار قوانين لجعل هذه المهنة تتناسب مع الحاجات الخاصة بالنساء”.

أما السيدة كريستال سماحة فاعتبرت ” أنه يجب على المرأة ان تتحلى بالأمل في الوصول الى مراكز صنع القرار والقدرة على التطور للتمكن من تحقيق مبتغاها. كما يجب أن يكون التدريب في القطاع الأمني كما في الشرطة البلدية موحّداً للنساء والرجال.”

وشكّل هذا اللقاء أيضًا فرصةً لبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي لمشاركة نتائج دراسته حول مشاركة المرأة في الشّرطة البلديّة اللّبنانيّة، بتمويل من المملكة المتحدة وكندا. فمنذ العام 2016 دعم برنامج الأمم المتّحدة الإنمائي مشروع إصلاح الشرطة البلدية في لبنان وتحويلها إلى شرطة مجتمعية، وقد تم وضع توظيف النّساء في صميم أجندة الإصلاح. ويرى كل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي والهيئة الوطنية للمرأة أن هذا الحدث فرصةً لتحفيز النّقاش الضّروري حول التّحديات المتعدّدة التي تعيق مشاركة المرأة في المؤسّسات الأمنيّة اللّبنانيّة والحاجة إلى القيام بإصلاحات في قطاع الأمن تراعي الاعتبارات الجنسانيّة.