كلودين عون تلقي كلمة لبنان حول الإجراءات الوطنية لتنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة المرأة (الإسكوا) خلال فعاليات الدورة الثانية عشرة للجنة التي تعقد في سلطنة عمان:
“التحدي الكبير للنهوض بقضايا المرأة، يبقى في العمل على تطوير النظم الثقافية السائدة التي تؤثر كما تتأثر بالنظم القانونية المعمول بها في قوانين الأحوال الشخصية، كما في سائر التشريعات.”
ألقت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلمة لبنان حول الإجراءات الوطنية لتنفيذ التوصيات الصادرة عن لجنة المرأة (الإسكوا) في دورتها الحادية عشرة، خلال فعاليات الدورة الثانية عشرة التي تعقد في مسقط، سلطنة عمان.
وجاء في الكلمة: “عشنا في لبنان لأشهر، حربا لم تعرف ضوابط قانونية أو إنسانية، خلفت الآلاف من الضحايا من قتلى وجرحى، ولم توفر المدنيين، ومنهم مسعفين ومسعفات وإعلاميين وإعلاميات. خلال هذه الحرب، واجهت الفتيات والنساء، ومنهن الطفلات والأمهات والحوامل وكبيرات السن وذوات الإعاقة، تحديات خاصة وصعبة، أثقلت كاهلهن، وتركت وراءها آثارا نفسية وجسدية ومعنوية كبيرة. كما أسفرت عن خسائر تقدر مادية باهظة، وأدت إلى ضرب قطاعات اقتصادية بأكملها، كما دمرت مؤسسات تديرها نساء، وبالتالي أعادتهن إلى نقطة الصفر في حياتهن المهنية. اليوم ندخل في مرحلة جديدة لا يزال فيها وقف إطلاق النار متأرجحا، مع الخروقات الأمنية التي نشهدها يوميا، إنما سوف نسعى خلالها لإعادة بناء ما تهدم. لكن الكلفة المرتفعة لذلك باهظة، والجهود المطلوبة كبيرة، تستدعي مشاركة الجميع، رجالا ونساء. وقد ورد من بين الأولويات المعتمدة في خطة العمل الوطنية الثانية لتطبيق القرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن، التي تعدها حاليا الهيئة الوطنية لشؤون المرأة بالشراكة مع الوزارات المعنية، تعزيز دور النساء في القيادة، والاستجابة للأزمات من منظور النوع الاجتماعي.”
وتابعت: “إن الوضع الحالي في لبنان، يزيد من التحديات التي نواجهها على صعيد توفير الشروط الاجتماعية، والإقتصادية والأسرية الملائمة، والتمكين الإقتصادي للنساء، التي تناولتها التوصيات الصادرة عن الدورة الحادية عشرة للجنة المرأة، والتي شكلت أحد المجالات التي حددتها الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان 2022- 2030. ومن محاور العمل التي تضمنتها هذه الإستراتيجية نذكر، تحسين الظروف المحيطة بالعمل، وتحسين شروطه عبر تشجيع المؤسسات في القطاعين العام والخاص على توفير وسائل النقل الآمنة للعاملات في المدن والأرياف، واعتماد إصلاحات قانونية تضمن المساواة في الأجور بين الجنسين، وتساعد الأمهات الجدد على المضي في العمل عبر تمديد إجازة الأمومة إلى 15 أسبوعا، وتخصيص أوقات للرضاعة ضمن دوام العمل، واستحداث إجازة أبوة، وإجازة والدية يستفيد منها الآباء كما الأمهات، واعتماد دوام عمل مرن. وقدمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع شركائها وعدد من نواب البرلمان، اقتراح قانون لاعتماد مثل هذه التدابير. ومن تدخلات خطة عمل الاستراتيجية الوطنية للمرأة، وقد بدأنا بإعدادها، دراسة عن حقوق النساء في السكن وحقوقهن في الملكية والإرث في قوانين الأحوال الشخصية، ومفاعيلها على حصولهن على القروض المصرفية للقيام بالإستثمار في مشاريع إقتصادية.”
وأضافت: “خلال العام الماضي، وعلى الرغم من الصعوبات التي مر بها البلد، تم تسجيل تقدم بارز في المجال القانوني، إذ أصدر البرلمان تعديلا على قانون الضمان الاجتماعي، أتاح من خلالها للنساء المضمونات، الإستفادة من التقديمات عينها التي يستفيد منها الرجل المضمون، بما فيها حق المرأة المتزوجة المضمونة من إفادة زوجها غير المضمون، من تقديمات الضمان. وفي مبادرة هي الأولى في لبنان، تبنى مجلس الوزراء استراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية، ترمي إلى إنشاء نظام مستدام، قائم على الحقوق، وقادر على الاستجابة للصدمات، وعلى تعزيز الرعاية الاجتماعية، وضمان العدالة والمساواة بين الجنسين. وعلى صعيد مكافحة التحرش الجنسي الذي جرمه القانون منذ أواخر العام 2020، عملت الهيئة الوطنية على نشر المعرفة به في الأوساط المدرسية والأكاديمية، وبين عناصر القوى الأمنية والعسكرية، والعاملين والعاملات في مجال المساعدة الاجتماعية. كما ناقشت شروط تطبيقه مع الجسم القضائي، ومع المحامين والمحاميات، وعملت بالتعاون مع وزارة العمل والمنظمات الدولية المعنية على تطوير سياسة نموذجية يتم تضمينها في الأنظمة الداخلية للمؤسسات الخاصة، بغية مكافحة ظاهرة التحرش الجنسي في إطار العمل. وسوف تعمل الهيئة على إدراج هذه السياسة في مؤسسات القطاع العام، وهي تتعاون حاليا مع مؤسسة الجيش اللبناني لتطوير مثل هذه السياسة في المؤسسة العسكرية.”
وأشارت إلى أن: “بالنسبة إلى العمل على تطوير القطاع الرعائي، أبرزت الاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان، محور العمل على التخفيف من المسؤوليات المنزلية والأسرية التي تتحملها المرأة، عبر العمل على تغيير السلوكيات، والترويج لتقاسم تحمل هذه المسؤوليات بين النساء والرجال وعبر تطوير خدمات رعاية الأطفال والمسنين والمسنات وذوي وذوات الإعاقة. كما دعت الاستراتيجية الى الإعتراف بعمل الرعاية غير مدفوعة الأجر، والإستثمار في إقتصاد الرعاية. ومن المبادرات التي تم اعتمادها في هذا الصدد، نشير إلى حملات توعوية واسعة، نظمتها الهيئة الوطنية للترويج لأهمية تقاسم المسؤوليات الأسرية بين النساء والرجال. كما إلى صدور دراسات مستفيضة قامت بها الأسكوا والبنك الدولي حول رعاية الأطفال في لبنان. ونذكر بالنسبة إلى المسنين والمسنات، اعتماد وزارة الشؤون الاجتماعية، لاستراتيجية وطنية لكبار السن، ترمي الى توجيه العمل لضمان حقوقهم، وتوفير شروط حياة لائقة لهم، كما تعمل الوزارة حاليا على خطة عمل لدمج الأطفال ذوي وذوات الإعاقة في المجتمع.”
وأردفت: “إننا إذ نعول على تطبيق هذه الخطط والاستراتيجيات للنهوض مجددا بالمرأة وبالمجتمع في لبنان، ندرك جيدا التحديات التي تواجهنا في ذلك، وليس أقلها، النقص في الموارد المالية لتنفيذ التدخلات المطلوبة، وصعوبة تطوير الذهنيات السائدة التي لا تتقبل بعد، تطبيق شراكة فعلية بين المرأة والرجل على أساس المساواة، لا في دائرة الحياة الخاصة ولا في الحياة العامة. فالتحدي الكبير يبقى في العمل على تطوير النظم الثقافية السائدة التي تؤثر كما تتأثر بالنظم القانونية المعمول بها في قوانين الأحوال الشخصية، كما في سائر التشريعات.”
وختمت: “هذه هي التحديات الرئيسية التي لنا أن نواجهها في الأعوام المقبلة، وسوف نواصل العمل لتخطي العقبات، والنهوض بقضايا الإنسان والعيش في ظروف أمن وسلام مستدامين. نشكر مجددا الإسكوا على عقد هذا اللقاء، كما نكرر شكرنا لسلطنة عمان على حسن الضيافة وحفاوة الاستقبال.”