كلودين عون في حدث جانبي على هامش الدورة 66  للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة من تنظيم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والإسكوا:

“يقيننا أن الجهود التي تبذل لتخفيف أسباب تغير المناخ كما لتذليل الصعوبات الناشئة عن عواقبه، لن تنجح إلا إذا ساهمت النساء في رسم الخطط لها وفي تنفيذها.”

 

16/03/2022 نظّمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، حدثاً جانبياً على هامش الدورة السادسة والستين للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة  CSW66 تحت عنوان “القوانين والسياسات الداعمة للمساواة ولتمكين النساء والفتيات من مواجهة تداعيات تغيّر المناخ”.

شارك في اللقاء السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والسيدة مهريناز العوضي مديرة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية المستدامة في الإسكوا، والمحامية غادة جنبلاط عضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والسيدة ليا القاعي مديرة مشاريع تغير المناخ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة والدكتورة مايا نعمة مديرة جمعية التحريج في لبنان، وعدد من المشاركات/ين من لبنان ومن نيويورك.

وألقت السيدة عون رئيسة الهيئة كلمة  افتتاحية جاء فيها:” في تقريره الأخير حول آثار تغيّر المناخ والتكيّف معها، الصادر في نهاية الشهر الماضي، أبرز الفريق الحكومي الدولي لخبراء تغيّر المناخ (IPCC) التابع للأمم المتحدة، أن التكيّف مع آثار التغير المناخي سوف يزداد صعوبة وقد يغدو غير ممكن مع تأخر المبادرة إلى اتخاذ إجراءات طارئة للحدّ من ارتفاع درجات حرارة الطقس. ومن آثار ارتفاع درجات الحرارة في العالم نذكر، انخفاض توفر الماء والغذاء وبالتالي تراجع الأمن الغذائي، خاصة في أفريقيا وآسيا وأميركا الوسطى والجنوبية، وانتشار الأوبئة، وزيادة تلوّث الهواء، وبالتالي حدوث اضطرابات في الحياة الاقتصادية تتأثر بها بنوع خاص قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والسياحة. ومع أن البشرية جمعاء معرّضة، فان خطورة هذه الآثار سوف تكون متفاوتة على السكان وعلى البيئة حسب المناطق، وسوف تزيد من مستوياتها عوامل أخرى مثل مستويات التنمية، والفقر وتوفير الخدمات. ويشير التقرير إلى أنه تجاه تزايد مخاطر التغير المناخي وحتميتها، يكتسب التكيّف مع آثار ارتفاع الحرارة، أهمية تضاهي أهمية الإجراءات الكفيلة في خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ”

وتابعت: “في لبنان، نعيش اليوم أزمات متراكمة تشتد في ظل هذه الظروف المعيشية وتتوسع خلالها الفئات التي تعاني من الفقر الذي بات يشمل أكثر من 50% من السكان.  إلى هذه الصعوبات ينبغي علينا أن نأخذ بعين الاعتبار، تلك التي سوف تنشأ نتيجة لظاهرة ‏الاحتباس الحراري ولتغير المناخ الناتج عنها. وحسب توقعات وزارة البيئة، يُنتظر أن تؤدي الآثار المترتبة على تغير المناخ في لبنان إلى انخفاض بنسبة 14% في الناتج القومي بحدود العام 2040 وقد تصل نسبة هذا الانخفاض إلى نحو 32% في حدود العام 2080. وقد بدأنا نرى خلال السنوات الأخيرة، بعض الآثار الكارثية الناتجة عن الاحتباس الحراري مثل تكاثر حرائق الغابات التي حملت البعض على هجرة المنازل وتسببت بوقوع الضحايا.”

وأضافت: “تفترض ممارسة الحكم، القدرة على توقع المستقبل، عبرة يتمّ اختصارها باللغة الفرنسية Gouverner c’est pouvoir. في لبنان يفترض بنا أن نتحلّى بالواقعية في نظرتنا إلى المستقبل. وكما بقية شعوب العالم، واجب علينا أن ندرك ‏أولاً مخاطر تداعيات تغيّر المناخ، وأن نعمل على تداركها أولاً بالعمل على الحد من انبعاث الغازات المتسببة بالاحتباس الحراري، وذلك بالحد من استهلاك الوقود، مثلاً بتوفير وسائل ‏كافية للنقل العام وترشيد استخدام الطاقة وتوفير وسائل توليد الطاقة المتجددة بتكاليف مقبولة. وثانياً بالعمل بجدية على التكّيف مع أثار تغير المناخ التي باتت واقعاً نعاني منه، ولم تعد مجرّد احتمال نظري. لذا يُفترض بنا أن نعمل على تنمية قدرات مجتمعنا على مواجهة هذه الآثار، ومنها ازدياد الضغوطات على الفئات المجتمعية والمجتمعات الهشّة. وفي العالم، نجد أن في هذه المجتمعات، ‏تعاني النساء أكثر من الرجال من الضغوطات التي تسببها الصعوبات المعيشية، والتي تفاقمها الآثار السلبية لتغير المناخ. فالنساء مرشحات لمواجهة صعوبات أكبر من الرجال في التعامل مع النقص في توفير المياه والغذاء وشروط النظافة وازدياد التلوث، نظراً لأن معظم مسؤوليات الرعاية الأسرية تقع عليهن. وتدل الإحصاءات على ان ازدياد الضغوطات الاجتماعية، تؤثر فعلاً على ازدياد تعرضهن للعنف، كما تمت ملاحظته في العالم وفي لبنان خلال انتشار جائحة كورونا وضرورة التزام الحجر المنزلي لمكافحته.”

وقالت: “إدراكاً لخطورة هذه المعطيات، وتداركاً خاصة لمخاطر ازدياد ظاهرة العنف ضد النساء في ظل وضع، يتسم بتفاقم الصعوبات المجتمعية نتيجة لعامل إضافي هو التغير المناخي، يتحتّم على المسؤولين كما على جميع الناشطين في المجتمع، العمل على تحصينه ضدّ مخاطر الانزلاق إلى مزيد من العنف المبني على النوع الاجتماعي. ‏بغية التوصل إلى تخطي المصاعب التي يواجهها حالياً والتي قد تزداد مستقبلاً، يحتاج مجتمعنا إلى الإفادة من كافة الطاقات التي تتوفر فيه، وبالأخص من الطاقات التي تختزنها النساء والتي لا تزال لغاية اليوم غير مفعّلة إلاّ جزئياً. ‏ففي لبنان لا تزال هناك قوانين تميز ضد النساء، ولا تزال تسود بعض الممارسات الاجتماعية الظالمة تجاههنّ. فالقانون اللبناني لا ينصف النساء في المواطنة، إذ يحرمهن من حقهن بنقل جنسيتهن إلى اولادهن، كما لا يعترف لهن بالمساواة مع الرجال في الحقوق الأسرية. ولغاية اليوم لم تُعتمد في لبنان تشريعات ترمي إلى تصحيح الممارسات الاجتماعية التي تحول دون تكافؤ الفرص بين النساء والرجال في مجال المشاركة في الحياة الاقتصادية، في ريادة الأعمال والحصول على رواتب مماثلة لرواتب الرجال والاستفادة من القروض المالية، وتقاسم الرعاية الأسرية بين الأبوين والمساواة في الإرث. ‏كذلك لم يتم سن القوانين لرفع الغبن اللاحق بالنساء، من جراء ‏الثقافة السياسية السائدة، في تمثيلهن في البرلمان وفي المجالس البلدية.”

وأضافت: “مع أنه تم تسجيل بعض التقدم على صعيد حماية النساء من العنف داخل الأسرة ومن التحرش الجنسي بعد صدور قانون يجرم التحرش، فإنه لا تزال مطلوبةً حماية الطفولة من التزويج المبكر، ‏وتحسين شروط حماية النساء من العنف الأسري. في هذه المجالات تسعى الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لإقرار التشريعات الكفيلة بتحقيق المساواة بين الجنسين، ولإدماج مقاربة مبنية على أخذ النوع الاجتماعي بعين الاعتبار في كافة السياسات والبرامج التي تعتمدها الوزارات، بما في ذلك السياسات البيئية. ومن جهة أخرى، تعمل وزارة البيئة وتعمل المنظمات غير الحكومية، التي ينشط في إطارهما العديد من النساء، على تطوير حلول القضايا البيئية، ومنها معالجة النفايات، ومتطلبات إعادة التدوير، واستخدام مصادر متجددة لتوليد الطاقة، وتنظيف المياه والوقاية من اندلاع حرائق الغابات وغيرها من مسائل.”

وختمت: “يقيننا أن الجهود التي تبذل لتخفيف أسباب تغير المناخ كما لتذليل الصعوبات الناشئة عن عواقبه، لن تنجح إلا إذا ساهمت النساء في رسم الخطط لها وفي تنفيذ هذه الخطط. لذلك من الضروري تأمين البيئة التشريعية الضامنة لاحترام حقوق المرأة وحمايتها ولتوفير الإطار الاجتماعي المؤاتي لتفعيل قدراتها. وهذا ما نتطلع إليه ونسعى إلى تحقيقه في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية. أشكر الاسكوا على مشاركتها في تنظيم هذا اللقاء في إطار الدورة 66 للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة التي تنعقد هذا العام حول محور السياسات والبرامج الكفيلة بتحقيق المساواة بين الجنسين وبتمكين النساء والفتيات، في ظل عواقب تغير المناخ وضرورات الحد من المخاطر والكوارث البيئية.”

بعدها قدمت السيدة مهريناز العوضي مديرة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية المستدامة في الإسكوا، عرضاً بعنوان “معالجة تحديات التغيير المناخي من خلال التشريعات والسياسات المستجيبة لقضايا المساواة بين الجنسين في العالم العربي”، وقالت: “يشكّل التغلّب على عدم المساواة بين الجنسين حجر الأساس للتنمية المقاومة لتغيّر المناخ؛ وقد يكون لأوجه التحسّن في هذا المجال فوائد بعيدة المدى في مجالي التكيّف والتخفيف من آثار التغيّر المناخي على حد سواء. يجب تصميم تحقيق المرونة المناخية بطريقة لا تحول فقط دون زيادة فقدان المساواة بين الجنسين، بل تعمل بشكل فعّال تجاه تحقيق هذه المساواة، وبالتالي الحدّ من أوجه الضعف وتوفير بيئة تمكينية لتعزيز دور المرأة. وإحدى الركائز الأساسية للوصول الى ذلك هي القوانين والسياسات المراعية للنوع الاجتماعي.”

وأضافت: ” بذلت الدول العربية خلال العقد الماضي جهوداً كبيرة لمعالجة عدم المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة في كل من المجالات المدنية، والسياسية، والاجتماعية، والاقتصادية. كما تعهّدت الحكومات بالعديد من الالتزامات الدولية والإقليمية والوطنية لضمان تعزيز الأطر القانونية المحلية للمساواة، وعدم سماحها بالتمييز المجحف، ودعمها للمساواة بين الجنسين.  إلا أنه، وفي أعقاب جائحة كوفيد-19، أصبحت عملية وضع السياسات المراعية للنوع الاجتماعي ذات أهمية بالغة في الدول العربية.”

وتابعت: “تشير البحوث الأولية الى أن الاستجابات القانونية والسياساتية لجائحة كوفيد-19 كانت، في أفضل الأحوال، متجاهلة تماماً لمنظور النوع الاجتماعي، وأنها أصابت النساء عامةً بشكل أشدّ من الرجال. على سبيل المثال، في المنطقة العربية، فقط 83 من أصل 829 تدبير اتّخذ للتخفيف من أثار الجائحة كان مستجيباً للفوارق بين الجنسين.

وفي وقت تقوم به الحكومات والبرلمانات بتصميم وتقديم استجابات قانونية وسياساتية تهدف لإعادة البناء بشكل أفضل وبطريقة منصفة، تقدّم مرحلة التعافي من الجائحة فرصة لإزالة الحواجز الهيكلية، وتعديل الفوارق القائمة، والتصدي لأوجه عدم المساواة القائمة منذ زمن طويل، و إعادة التفكير في السياسات الاجتماعية والاقتصادية، وبناء المرونة لإعادة البناء بشكل أفضل.”

وقالت: “تؤدي المشاركة غير المتكافئة للمرأة في عمليات صنع القرار وفي أسواق العمل الى تفاقم عدم المساواة، وتحول في كثير من الأحيان دون إسهام المرأة إسهاما كاملا في مجالات التخطيط وصنع السياسات والتنفيذ المتعلقة بالمناخ. بالتالي، تشكّل عملية وضع القوانين والسياسات المستجيبة للفوارق بين الجنسين طريقة لبناء قدرة النساء والفتيات على مواجهة تغير المناخ والأزمات الأخرى.”

وختمت: “إن عملية وضع القوانين والسياسات المستجيبة للفوارق بين الجنسين أساسية وذات أهمية حاسمة لمعالجة التحدّيات الملحّة في عصرنا هذا، بما فيها تلك المتعلقة بتغيّر المناخ، وذلك بطريقة متقاطعة وشاملة. يجب أذاً ان تكون العملية استشارية وشاملة للجميع، كما يجب أن تسترشد بالآثار المتفاوتة للقوانين على كل من النساء والفتيات من جهة، والرجال والفتيان من جهة أخرى.”

وبعد أن تمّ عرض فيديو قصير حول التحرش الجنسي، قدّمت المحامية غادة جنبلاط عضو المكتب التنفيذي في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية عرضاً حول التعريف بقانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه205/2020، تضمّن تعريفاً مفصلاً للتحرّش الجنسي وأشكاله وعناصر الجرم والأسباب الموجبة، كما العقوبات. وعرضت الأستاذة جنبلاط إيجابيات القانون وتحديات تطبيقه والإجراءات التي يجب اتباعها لتسهيل تنفيذه.

ثمّ تمّ عرض فيديو قصير و Infographic حول الابتزاز الإلكتروني، وآخر حول العنف القائم على النوع الاجتماعي.

كما قدّمت السيدة ليا القاعي مديرة مشاريع تغير المناخ في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة، عرضاً حول “المبادرات الحكومية لإدماج مفهوم النوع الاجتماعي في سياسات تغيّر المناخ”، واستعرضت نتائج الدراسة التي قام بها البرنامج في لبنان عن مستوى إدراج المرأة في السياسات المناخية، والتي أظهرت أن النساء والفتيات، هن من يتحملن وطأة الصدمات البيئية والاقتصادية والاجتماعية وأن الرجال والنساء لديهم آليات تأقلم مختلفة ونقاط ضعف في مواجهة تغير المناخ. وأكدت القاعي على أهمية بناء قدرات النساء والفتيات لإشراكهن بشكل فعال ومستدام  في مراحل التشاور والتخطيط للسياسات المناخية كما في مراحل التطبيق والمراقبة ليكون العمل المناخي ناجحاً أو مستداماً في لبنان.

بدورها قدمت الدكتورة مايا نعمة مديرة جمعية التحريج في لبنان عرضاً حول المرأة والتغير المناخي في لبنان في قطاعي الزراعة والغابات، فقالت: ” يضع التغير المناخي تحديات أساسية للمنطقة على صعيد المياه وسلامة الغذاء وتوفر الطاقة. وتتأثر المرأة بهذه التحديات أكثر من الرجل في لبنان بسبب عدد من العوامل التي تحد من قدرتها على التصدي ومنها ان ٧.١% فقط من الأراضي الزراعية تملكها النساء وأن النساء يشغلن أقل من ٥% من المناصب الإدارية والتشريعية كمجلس النواب والمجالس البلدية.”

وأشارت إلى أنه: “بالمقابل تثبت دراسات الحالات المعروضة قدرة المرأة على لعب دور ريادي في كافة النشاطات المتعلقة بالزراعة والاحراج ويبقى الأساس تفعيل دورها وعدم الحد من امكانياتها واختتم اللقاء بنقاش وأسئلة وأجوبة.”

واختتم اللقاء بنقاش بين المشاركات والمشاركين.