عقدت الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة الإجتماع الثاني للجنة الوطنيّة التنسيقيّة المتخصّصة بمناهضة العنف المبني على النوع الإجتماعي، الذي يأتي ضمن العمل التنسيقي الذي تقوم به الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بدعم من هيئة الأمم المتّحدة للمرأة لتنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن ١٣٢٥ الخاص بالمرأة والسلام والأمن الّتي التزمت الحكومة اللبنانيّة بتنفيذها. وتزامن هذا الاجتماع مع يوم حقوق الانسان واليوم الأخير من حملة 16 يوماً لمناهضة العنف ضد المرأة.

رمى هذا الإجتماع إلى رصد وتقييم التقدم المحرز في الأعمال التي قامت بها الأطراف المشاركة في اللجنة الوطنية التنسيقية المتخصّصة بمناهضة العنف المبني على النوع الإجتماعي خلال الفترة السابقة بدعم من وكالات الأمم المتحدة، كما يهدف الى اعتماد النشاطات المتفق على تنفيذها في المرحلة المقبلة وتحديد مهام مجموعات العمل للعام 2022.

شارك في الإجتماع السيّدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة، والعقيد جوزيف مسلّم رئيس شعبة العلاقات العامّة في قوى الأمن الداخلي والسيّدة نيسيا الضناوي أخصّائيّة في موضوع العنف القائم على النوع الإجتماعي لدى صندوق الأمم المتّحدة للسكّان في لبنان، والسيدة لما زينون تابت مديرة برنامج GIZ LEAD في لبنان والسيدة ناديا خليفة اختصاصية في مجال المرأة والسلام والأمن في هيئة الأمم المتحدة للمرأة، والخبيرة الدكتورة جنان الأسطة وممثّلات وممثّلون عن الوزارات والإدارات العامة ومنظمات المجتمع المدني  ووكالات الأمم المتّحدة المعنيّة.

افتتح اللقاء بكلمة للسيّدة كلودين عون قالت فيها: ” بالإضافة إلى المآسي التي تجرها عليهن الأعمال القتالية، تزداد خلال الحروب، مخاطر تعرض النساء للعنف المبني على النوع الإجتماعي. السبب في ذلك هو ازدياد التوترات في العلاقات البشرية خلال الأزمات من جهة، ومن جهة أخرى، النزعة إلى الإعتبار أن الظروف الإستثنائية تجيز التصرفات العنفية خاصة تجاه النساء.

فخلال فترات الصراعات تغيب النساء عن مسرح العمليات ويقتصر حضورهن في غالب الأحيان على مجالات تقديم الخدمات في نطاق الأسرة وفي نطاق العمل الإنساني، الأمر الذي يضعف من إستقلاليتهن ويجعلهن في موقع أكثر تبعية للرجال. بالإضافة إلى ذلك، يكثر تعرض النساء، في الحروب غير النظامية بنوع خاص، إلى أعمال إنتقامية تستهدفهن كنساء ويتعرضن، من جراء ذلك، إلى الإغتصاب وشتى الإعتداءات الجنسية.

لهذه الأسباب دعا قرار مجلس الأمن الرقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن “جميع الأطراف في الصراعات المسلحة إلى اتخاذ تدابير خاصة تحمي الفتيات والنساء من العنف القائم على أساس الجنس في حالات الصراع المسلح، لاسيما الإغتصاب والأشكال الأخرى للإيذاء الجنسي”.

وأضافت: “بغية مكافحة ظاهرة الممارسات العنفية تجاه النساء، التي عادة ما تزداد خلال الصراعات، أوردت الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 التي اعتمدتها الحكومة اللبنانية في خريف العام 2019، ضمن أهدافها الإستراتيجية، وقاية وحماية النساء والفتيات من العنف المبني على النوع الإجتماعي، ونصت الخطة على اتخاذ التدابير الكفيلة لتوفير نظام حماية متكامل لضحايا العنف الناجيات معددة التدخلات الأساسية المطلوبة لذلك على صعيد التشريع وإتاحة الوصول إلى العدالة وتأمين سبل الحماية الملائمة وتوفير الخدمات.

ونظرا إلى أن التطرق إلى موضوع العنف المبني على النوع الإجتماعي لا يزال حديثاً في بلادنا، حيث ساد لسنوات إنكار هذه الظاهرة وحيث لم يتم إقرار قانون يعاقب على العنف في نطاق الأسرة، سوى في العام 2014، ولم يجرم التحرش الجنسي إلا منذ عام واحد، كانت هناك حاجة إلى القيام بحملات توعوية وإلى القيام بتنظيم لقاءات حوارية مع المولجين بتنفيذ القانون في الأمن والقضاء وإلى توفير التدريبات المهنية للمكلفين بتأمين الحماية والخدمات للضحايا.

وفي إطار العمل بالتدخلات المنصوص عليها وتنسيق تنفيذها قامت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع شركائها في الوزارات والإدارات الرسمية والمؤسسات والمنظمات الدولية وفي المجتمع المدني، بالعديد من المبادرات الرامية إلى ردع تعرض النساء للعنف وحمايتهن ومساعدتهن على تخطي آثاره.

كانت أولا المساعي المشتركة بين الهيئة ووزارة العدل ومنظمة كفى ولجنة المرأة والطفل في البرلمان لتعديل القانون الخاص بالعنف الأسري بغية توفير حماية أكبر للمرأة المعنفة ولأولادها وقد أقر مجلس النواب هذا التعديل في كانون الأول 2020. كان أيضا، خلال الإغلاق المفروض بسبب الوباء، تجاوب وزارة العدل مع طلب الهيئة والإعلان عن قبول تسجيل الشكاوى في قضايا العنف المبني على النوع الإجتماعي، عبر الهاتف أو بواسطة الإنترنت. كذلك كان التعاون بين المنظمات الدولية والهيئة الوطنية لإصدار نشرة Gender Alert حول مكافحة العنف.”

وتابعت: “بشكل مواز تمثل التعاون بين المنظمات الدولية والهيئة وسائر الجهات المحلية، في المباشرة بوضع تعريفات موحدة لأنواع العنف ضد المرأة لصالح قوى الأمن الداخلي والمحاكم والمستشفيات ومراكز الخدمات، وهو المعجم الذي سوف يقدم إليكم اليوم. كذلك تم، بفضل التعاون الدولي، وضع دراسة تحليلية لأوضاع الملاجئ المخصصة لاستقبال الناجيات من العنف وللمعايير التي ينبغي أن تتبع عند إقامتها وخلال تشغيلها.

وبعد إقرار قانون تجريم التحرش الجنسي، تم تنظيم حملات توعوية، بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي، للتعريف بالقانون والتنبيه على ضرورة الإبلاغ عن حالات الإبتزاز الإلكتروني. كذلك تم تنظيم لقاء تشاوري مع قضاة ومحامين حول شروط اللجوء إلى القانون بغية تطبيقه. وتعمل الهيئة اليوم بالتعاون مع شركائها على رسم السياسات التي ينبغي أن تعتمدها المؤسسات الإقتصادية والمجالس البلدية عند تبلغها بوقوع حالات تحرش جنسي في نطاقها.”

وقالت: “في إطار تنفيذ التدخلات المنصوص عليها في الخطة، يتم حاليا العمل بمشاركة القوى الأمنية ووزارة العدل على تطوير إجراءات تشغيلية موحدة أكثر حماية لضحايا جرائم الإتجار بالبشر. وعلى صعيد تحسين الخدمات لضحايا العنف، سوف تنفذ الهيئة بالتعاون مع وزارة الشؤون الإجتماعية ومؤسسة GIZ الألمانية للتنمية برنامجاً يرمي إلى تطوير مؤهلات المساعدين الإجتماعيين في مراكز الخدمات العامة لوزارة الشؤون في تعاملهم مع حالات العنف المبني على النوع الإجتماعي. وبهدف التوصل إلى معرفة أفضل للظروف وللعوامل المحيطة بظاهرة العنف المبني على النوع الإجتماعي، تتابع الهيئة بالتعاون مع شركائها برنامج باروميتر العنف المبني على النوع الإجتماعي بغية التوصل إلى معالجة أكثر فعالية لهذه الظاهرة.

يبقى علينا القيام بالكثير لإزالة آفة العنف المبني على النوع الإجتماعي من مجتمعنا بغية تحرير النساء من الخشية الدائمة للتعرض له.”

وختمت: “أشكر هيئة الأمم المتحدة للمرأة ووكالات الأمم المتحدة وجميع المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية التي تساهم معنا في بذل الجهود لهذا الهدف.”

بعدها كان للسيّدة الضناوي كلمة جاء فيها:” يعدّ التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من برنامج عمل المرأة والسلام والأمن بشكل عام، وتحديداً القرار رقم 1325 الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة الذي يتضمن أربعة محاور، وهي المشاركة والحماية والوقاية والإغاثة والإنعاش. تعتبر هذه المحاور أساسية لضمان احترام حقوق الإنسان وكرامته، ولمعالجة الأسباب الجذرية للنزاع، وللعمل من أجل تحقيق سلام مستدام. وتندرج وقاية النساء والفتيات من العنف القائم على النوع الاجتماعي وحمايتهن منه، بما في ذلك تعزيز آليات الوقاية والحماية في القطاعات المختلفة من أجل تلبية احتياجات المرأة، ضمن الأولويات الإستراتيجية الخمس التي تم تحديدها والاتفاق عليها في خطة العمل الوطنية لتطبيق القرار رقم 1325 في لبنان بقيادة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والتي أقرتها الحكومة اللبنانية. عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان بالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية والأطراف المعنية على تنفيذ عدة تدخلات تسعى إلى تحسين آليات الوقاية والحماية في القطاعات الأمنية والقانونية والصحية من أجل تلبية احتياجات المرأة. وتتمثل أبرز هذه التدخلات بإجراء مراجعة وتقييم تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، إعداد دراسة حول المعايير الدنيا لإنشاء وإدارة مراكز إيواء خاصة بالناجيات من العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، إعداد معجم مصطلحات العنف القائم على النوع الاجتماعي، إعداد مراجعة للمواد والموارد التدريبية المتعلقة بالعنف المبني على النوع الاجتماعي، دعم خدمة الخط الساخن 1745 وربطها بنظام الإحالة، تطوير قدرات العاملين في القطاع الصحي، الأمني، والاجتماعي لتوفير الحماية الملائمة للنساء والفتيات، زيادة الوعي في المجتمعات المحلية حول انتهاكات حقوق المرأة. ”

وتابعت: “اليوم، يؤكد صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان من جديد إلتزامه بمواصلة دعم الخطة الوطنية لتطبيق قرار مجلس الامن رقم ١٣٢٥ حول المرأة والسلام والامن، وأجندة أهداف التنمية المستدامة 2030 الخاصة بعدم إغفال أي أحد، والالتزامات الوطنية اللبنانية التي أعقبت قمة نيروبي في عام 2019، والتي تؤكد على أهمية دعم وتمكين النساء والفتيات والحدّ من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

أود أن أشكر الوزارات المعنية والجمعيات الأهلية ووكالات الأمم المتحدة على المشاركة الفعّالة والجهود المبذولة لإنجاز التدخلات الساعية إلى تأمين رفاه النساء. كما يقدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان التعاون الكبير مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية مما أدى إلى إتمام عدد من التدخلات المدرجة ضمن خطة العمل.”

وختمت: ” يجب أن نتذكر أنه حتى وإن كان العنف القائم على النوع الاجتماعي منتشرا فهو ليس حتميا. يتوجّب علينا العمل على إنهائه من خلال اعتماد نُهج شاملة وكلية تعالج الأسباب الجذرية وراء ذلك، و توفّر الخدمات الأساسية التي تركز على الناجيات عبر مختلف القطاعات الصحية والاجتماعية والقانونية والأمنية والاقتصادية.”

بعدها استعرض العقيد مسلّم عمل قوى الأمن الداخلي في مكافحة الابتزاز الالكتروني ومناهضة العنف ضدّ النساء.

كما استعرضت السيّدة الأسطة معجم المصطلحات والمفردات المعنيّة بالعنف المبني على النوع الإجتماعي (Lexicon) المنفّذ ضمن إطار البرنامج المشترك للهيئة الوطنيّة وصندوق الأمم المتّحدة للسكّان. يضع هذا المعجم تعريفات موحّدة لأنواع العنف ضدّ المرأة، باللّغة العربيّة والفرنسيّة والإنكليزيّة، لصالح قوى الأمن الداخلي والمحاكم والمستشفيات ومراكز الخدمات. للإطّلاع على المعجم الرجاء الضغط على الرابط التالي:

https://nclw.gov.lb/wp-content/uploads/2021/12/2021_Gender-Based-Violence-Lexicon.pdf

ثم  استعرضت الآنسة ريتا راشد سلامة منسقة تطوير المشاريع في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية العمل على تنفيذ الخطّة الوطنيّة للقرار 1325 لتحسين آليّات الوقاية والحماية من العنف المبني على النوع الإجتماعي.

واختتم الإجتماع بمناقشة وتحديد الأولويّات لمناهضة العنف المبني على النوع الإجتماعي.