كلودين عون خلال مشاركتها إفتراضياً في الإطلاق الاقليمي لتقرير حالة سكان العالم 2024 تحت عنوان “أقدارٌ مغزولة بخيوط الأمل: إنهاء أوجه انعدام المساواة في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية” الذي نظّمه مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان الإقليمي للدول العربية ومكتب جمهورية مصر العربية:
“كلنا نعلم أن أهداف التنمية المستدامة كما أهداف التنمية البشرية هي مترابطة، وأن تحقيقها يتوقف إلى حد بعيد على توفر السلام والأمن والاستقرار، وأنه يتطلب أيضاً وضوحاً في الرؤية ومثابرة في العمل.”

 

بمناسبة اليوم العالمي للسكان واحتفالاً بالذكرى السنوية الثلاثين للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية، شاركت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية افتراضياً في الإطلاق الاقليمي لتقرير حالة سكان العالم 2024 الذي أقيم في جمهورية مصر، تحت عنوان “أقدارٌ مغزولة بخيوط الأمل: إنهاء أوجه انعدام المساواة في الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية” الذي نظّمه مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان الإقليمي للدول العربية ومكتب جمهورية مصر العربية.
خلال اللقاء ألقت السيدة عون كلمة جاء فيها: ” تسعدني المشاركة في إحياء اليوم العالمي للسكان، وفي إطلاق تقرير الوضع العالمي للسكان لهذا العام. فبعد مرور 30 عاماً على صدور توصيات مؤتمر القاهرة في العام 1994، تتثبت لنا كل يوم صحة النتائج التي توصل إليها هذا المؤتمر، ألا وهي الترابط الوثيق بين قضايا السكان وقضايا التنمية، وضرورة إعارة الاهتمام لتلبية الحاجات الفردية للنساء والرجال لتحقيق النتائج المرجوة على صعيد المجتمع ككل. فكي تنمو، وكي تتخطى المصاعب والعثرات، تحتاج المجتمعات إلى ركائز صلبة تتيح توفير حياة كريمة لسائر الأفراد. وكي تنجح، للدول الراعية لهذه المجتمعات، أن تكون مدركة لحاجات سكانها وأن تكون قادرة على تلبيتها. قبل 30 عاما، اعترفت دول العالم ومنها لبنان، بهذه الحقائق واتبعت الحكومات المتتالية في بلدنا، سياسات استلهمت إلى حد ما، الخلاصات التي توصل إليها مؤتمر القاهرة.”
‏وتابعت: “بقي هناك الكثير لإنجازه، ولكن تحققت أيضا خطوات هامة عديدة أتاحت تسجيل تقدم ملحوظ في مجالي الصحة الإنجابية والتعليم بنوع خاص. فتماشياً مع توصيات المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وضعت وزارة الصحة العامة في لبنان بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان، برنامج الصحة الإنجابية والجنسية، وأدرجته ضمن خدمات العناية بالصحة الأولية للأعوام 1998 الى 2001. ولا يزال هذا البرنامج قائما ضمن هذا القطاع، وتتناول الخدمات التي يتضمنها المواضيع المتعلقة بتنظيم الأسرة، والأمومة الآمنة، وصحة المولود، والفحوصات الوقائية، والكشف المبكر عن أمراض الجهاز التناسلي. ويتم ‏تنفيذ هذا البرنامج من خلال مراكز الصحة الأولية التي يبلغ عددها 284 مركزا، بالإضافة إلى 82 مستوصفا و 14 مستشفى حكوميا. وفي العام 2018، تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية لتنظيم الأسرة وتحديث المبادئ التوجيهية لتوفير الخدمات المتعلقة بالصحة الإنجابية. وخلال العقود الماضية، انخفض مستوى معدل وفاة الرضع (أقل من سنة) والأطفال (أقل من خمس سنوات) بشكل منتظم خلال العقود الماضية، بحيث قدر الأول بتسع في الألف، والثاني بعشرة في الالف في العام 2009، كما سجل ارتفاعا معدل توقع الحياة عند الولادة، إذ بلغت %78.3، بين عامي 2005 و2015.”
‏وأضافت: “أما بالنسبة إلى التعليم، فلم يكن هناك فرق كبير بين الإناث والذكور من حيث الإلتحاق بالدراسة. وفي العام 2018 – 2019 كان 71.7% من السكان ما بين 3 سنوات و24 سنة مسجلين في مؤسسة تعليمية . لكن الأزمات المتعاقبة التي تتوالى على لبنان منذ خمس سنوات، أثرت سلبيا على مسار تحسن المؤشرات الدالة على النمو البشري، وأدت الأزمات الإقتصادية والمعيشية والسياسية، بالإضافة إلى ازدياد أعداد النازحين السوريين الذين باتوا يقدرون بحوالي ‫نصف عدد السكان، والاحتجاجات الشعبية، وانتشار جائحة كوفيد 19 وكارثة مرفأ بيروت، إلى انهيار العملة الوطنية وانتشار الفقر وتراجع الخدمات العامة. ومنذ بداية الحرب على غزة، يواجه لبنان في مناطقه الجنوبية الاعتداءات الإسرائيلية اليومية التي أسفرت لغاية اليوم عن سقوط عدد كبير من الضحايا ونزوح حوالي 100,000 شخص وخسارة تقدر بمليار ونصف دولار. ذلك في إطار وضع معيشي بالغ الصعوبة، إذ تشير الدراسات الإحصائية للعام 2022 إلى أن 28.4% من العاملين الذكور و32.7% من العاملات الاناث، كانوا يشكون من البطالة التي طالت 47.8% من الشباب والشابات. في حين بلغت نسبة النساء الشابات خارج التوظيف أو التعليم أو التدريب معدل 32.1%، وهبطت نسبة مشاركة النساء في سوق العمل إلى معدل 22.2% بعد أن كانت قد سجلت نسبة 29.3% في العام 2018/ 2019 .”
وأشارت إلى أن: “كلنا نعلم أن أهداف التنمية المستدامة كما أهداف التنمية البشرية هي مترابطة، وأن تحقيقها يتوقف إلى حد بعيد على توفر السلام والأمن والاستقرار، وأنه يتطلب أيضا وضوحا في الرؤية ومثابرة في العمل. ونحن اليوم في لبنان ندرك تماماً واجباتنا في مواجهة معطيات الواقع كما هي، وفي العمل على إيجاد الحلول المناسبة، إنما مع يقيننا أن التضامن الدولي، وحده، كفيل بإحلال السلام والاستقرار في المنطقة. لذا على الرغم من الأزمات نسعى من جانب الحكومة كما من جانب المجتمع المدني، بمساعدة شركائنا الدوليين، إلى مكافحة الفقر وإلى توفير الخدمات التي تمكن السكان من تخطي الصعوبات. في هذا الصدد، أطلقت وزارة الصحة العامة في العام 2020، استراتيجية وطنية للصحة لغاية العام 2030 رمت إلى تحديث تنظيم قطاع الصحة في لبنان، وتعمل الوزارة حاليا بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم العالي وبالشراكة مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة، على تطبيق برنامج الفحص الطبي المدرسي لربط المدارس الرسمية بمراكز الصحة الأولية.”
وقالت السيدة عون أن: “من بين المبادرات الرامية إلى توضيح الرؤية بالنسبة الى العمل الإنمائي، اعتماد وزارة التربية والتعليم العالي لإطار وطني لمناهج التعليم العام ما قبل الجامعي الذي يفتح الباب أمام تحديث المناهج الدراسية، وإقرار الحكومة اللبنانية لاستراتيجية وطنية للحماية الاجتماعية، وإعداد الاستراتيجية الوطنية لحقوق ودمج الأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان 2023- 2030 ، وغيرها من برامج ترتبط بقطاع الرعاية واعتماد وزارة الشؤون الاجتماعية لخطة عمل وطنية للوقاية والاستجابة والحماية من زواج الأطفال، وتطوير الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية مع شركائها للإستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان 2022-2030 ولخطة عمل تطبيقية لها، وتحضيرها للإعداد لخطة عمل تطبيقية ثانية لقرار مجلس الأمن الرقم 1325 حول المرأة والسلام والأمن. كما جرى خلال السنوات الأخيرة، اعتماد خطط عمل عدة تتعلق بمكافحة الفقر والعنف ضد النساء ورعاية المسنين. ويبقى أننا مدركون أيضاً في لبنان أن وضع هذه الخطط والإستراتيجيات موضع التنفيذ، يتطلب تعاوناً وثيقاً بين الوزارات والإدارات المعنية والقوى الفاعلة في المجتمع، وجهودا حثيثة لكسب تأييد الرأي العام لوضع الإجراءات المطلوبة موضع التنفيذ. لذا نعير في الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اهتماماً كبيراً لتطبيق سياسة تشاركية مع كافة المعنيين بالتنمية البشرية في القطاعين العام والخاص، ولا نوفر جهدا بهذا في تنظيم الحملات التوعوية خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي إقامة تواصل دائم مع شتى وسائل الإعلام. كما نحرص قدر المستطاع على أن تكون المواقف التي نروج لها مبنية على معطيات موثقة. لكن نحن مدركون أيضاً، أننا في الوضع الحالي، في أمس الحاجة إلى الدعم الدولي لتحقيق أهدافنا التنموية.”
وختمت: “أشكر مكتب ال UNFPA الإقليمي للدول العربية ومديرته السيدة ليلى بكر ومكتب جمهورية مصر العربية، على تنظيم هذا اللقاء، وأتمنى لنا جميعا النجاح في تحقيق ما نصبو إليه من إنماء ورفاهية وعدالة ومساواة.”