كلودين عون خلال ورشة عمل حول قرارات مجلس الأمن المكملة للقرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن والمتعلّقة بجرائم العنف الجنسي خلال النزاعات المسلّحة: وقاية، حماية ومحاسبة من تنظيم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالشراكة مع منظمة عدل بلا حدود:
“أياً كانت الظروف وأياً كانت العداوة، ليس هناك من مبرّر يسمح بتجريد إنسان آخر من إنسانيته، بالإعتداء على كرامته الجسدية والمعنوية. هذه هي فحوى القرارات الدولية المعتمدة حول مكافحة العنف الجنسي في إطار النزاعات، وهي بالطبع تعرب عن نبذ هذا النوع من العنف في إطار حقبات السلم.”
نظمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالشراكة مع منظمة “عدل بلا حدود” ورشة عمل حول قرارات مجلس الأمن المكملة للقرار 1325 حول المرأة والسلام والأمن والمتعلّقة بجرائم العنف الجنسي خلال النزاعات المسلّحة: وقاية، حماية ومحاسبة، وذلك عملاً بالاستراتيجية الوطنية للمرأة في لبنان 2022-2030 وخطة عملها للأعوام 2024-2026.
يأتي هذا اللقاء في إطار برنامج “إزالة الحواجز أمام الوصول الى العدالة للنساء والفتيات للناجيات من العنف في لبنان” الذي تنفذه منظمة “عدل بلا حدود” بدعم من صندوق اﻷمم المتحدة اﻻستئماني للأمن البشري UNTF وبالشراكة مع مؤسسة “كرامة” والذي يهدف إلى المساهمة في تذليل الحواجز التشريعية والسياسية والإجرائية لضمان وصول النساء والفتيات إلى العدالة الرسمية وغير الرسمية.
شارك في اللقاء السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية والسيدة جيلان المسيري ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في لبنان والمحامية بريجيت شيليبيان رئيسة منظمة عدل بلا حدود، وأعضاء الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، وضباط وضابطات الارتكاز الجندري وممثلات مممثلون عن الوزارت والإدارات الرسمية.
وخلال اللقاء ألقت السيدة عون كلمة جاء فيها: “يتولى مجلس الأمن في الأمم المتحدة مسؤولية أساسية في حفظ السلام والأمن الدوليين، وفي العام 2000، ومع ازدياد استهداف المدنيين بنوع خاص في الحروب، أصدر القرار الرقم 1325 الذي تناول حماية المرأة خلال الأعمال الحربية وبعد توقفها، وشدد على ضرورة مشاركتها في صنع القرار لمنع الصراعات وإدارتها وحلها. ربط هذا القرار الأممي لأول مرة بين السلام العالمي وشروط إحقاقه، ومشاركة النساء في القرارات المصيرية للمجتمعات والدول. فقد أبرز هذا القرار الدور الذي للنساء أن يقمن به، ليس فقط في حالات السلم، بل أيضا خلال النزاعات. وبديهي القول أن العمل بهذا القرار خلال النزاعات، يفترض أولا أن تكون حقوق النساء معترفا بها كاملة، ومشاركتهن في القرار فاعلة في إدارة الشأن العام. من هنا استوجب تطبيق الدول لهذا القرار، قيامها بإصلاحات داخلية لضمان حقوق النساء ومشاركتهن في القرار.”
وتابعت: “لهذا الغرض، اعتمد لبنان خطة وطنية أولى لتطبيق القرار 1325 وهو اليوم في صدد الإعداد لرسم خطة وطنية ثانية للمضي بالعمل به. شكل القرار 1325 المدماك الأول فيما يعرف بجدول أعمال المرأة والسلام والأمن، الذي يختصر بأحرف (Women, Peace & Security) WPS وهو عبارة عن مجموعة القرارات التي يتخذها تباعا مجلس الأمن الدولي لحماية النساء خلال النزاعات المسلحة، وتعزيز أدوارهن في حلها، وتسوية تداعياتها. لغاية اليوم وبين العامين 2000 و2019 اتخذ مجلس الأمن 10 قرارات تندرج ضمن هذه الأهداف، ركزت 5 منها على دور النساء في صنع السلام وتثبيته، فيما تمحورت 5 قرارات حول الوقاية من العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات وكيفية التعامل معه.”
وأضافت: “كان قرار مجلس الأمن رقم 1820، أول قرار يلقي الضوء على استهداف النساء والفتيات، بنوع خاص، خلال النزاعات المسلحة، بالعنف الجنسي المرتكب لأغراض منها “اتخاذه وسيلة من وسائل الحرب لإذلال الأفراد المدنيين”. وبعد إدانته لهذه الجريمة، يشير القرار إلى أن “الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي، يمكن أن يشكل جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية أو فعلا يتعلق بالإبادة الجماعية”، ويؤكد على ضرورة استثناء جرائم العنف الجنسي من أحكام العفو العام في سياق عمليات حل النزاعات. لقد أعربت القرارات التي تلت القرار 1820، ومنها القرار 2467 الذي أصدره مجلس الأمن في العام 2019، عن القلق من استمرار ارتكاب أعمال العنف، ومنها العنف الجنسي ضد النساء والأطفال في حالات النزاع المسلح، مع الإفلات من العقاب في أحيان كثيرة. وقد أصبحت ترتكب، كما يذكر القرار في بعض الحالات، بشكل منهجي وعلى نطاق واسع.”
وأشارت السيدة عون إلى أن: “تجاه هذا الوضع يدعو مجلس الأمن، القادة على الصعيدين الوطني والمحلي، بمن فيهم القادة المجتمعيون والدينيون والتقليديون، إلى الاضطلاع بدور فعال داخل المجتمعات المحلية لمكافحة العنف الجنسي في حالات النزاع وثقافة الإفلات من العقاب من هذه الجرائم. هنا أيضا، تتطلب المكافحة الجادة لجرائم العنف الجنسي خلال النزاعات، أن تكون معاقبة هذا النوع من الجرائم، مضمونة فعليا في حقبات السلام. ففي لبنان مثلا، حققنا خطوتين هامتين بإلغاء المجلس النيابي للمادة 522 من قانون العقوبات، التي كانت تجيز لمرتكب جريمة الإغتصاب الإفلات من العقاب إذا تزوج من ضحيته، وفي إقرار قانون لتجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه. لكن لا يزال ينتابنا الخجل من الشرط الذي تورده المادة 503 من قانون العقوبات، بألا تكون الضحية هي زوجة المعتدي لتوصيف الإغتصاب.”
وأردفت: “تندرج ورشة العمل التي تشاركون بها اليوم كممثلات وممثلين عن إداراتكم الرسمية، في إطار الجهود التي تبذلها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية لتعزيز أوضاع المرأة في المجتمع، عبر نشر المعرفة بأحكام القانون الدولي ذات الصلة. فهذا القانون ينبثق عن المبادئ العامة للحقوق التي تعترف بها كافة الحضارات. ومن هذه المبادئ، حظر ارتكاب الإعتداءات الجنسية أيا كانت الظروف. والسبب الأساسي لتركيز القرارات الدولية التي سنتناولها اليوم بحظر هذه الإرتكابات أثناء النزاعات، يكمن في تشدد المجتمع الدولي لنبذ هذه الممارسات حتى تجاه ألد الأعداء أثناء الحروب. فأيا كانت الظروف وأيا كانت العداوة، ليس هناك من مبرر يسمح بتجريد إنسان آخر من إنسانيته، بالإعتداء على كرامته الجسدية والمعنوية. هذه هي فحوى القرارات الدولية المعتمدة حول مكافحة العنف الجنسي في إطار النزاعات، وهي بالطبع تعرب عن نبذ هذا النوع من العنف في إطار حقبات السلم.”
وختمت: “أشكر منظمة عدل بلا حدود لمشاركتها الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في تنظيم ورشة العمل هذه، وأشكر لكن ولكم مشاركتكم، وأتمنى أن تكون جلسة عملنا مثمرة.”
ثمّ ألقت السيدة مسيري كلمة قالت فيها: “منذ حوالي ٢٥ عاماً، اقرّ مجلس الأمن الدولى القرار 1325 للتأكيد على أن السلام والأمن لا يمكن تحقيقهما بدون مشاركة فعالة ومجدية من جانب المرأة وللاعتراف بمساهمة المرأة في منع نشوب الصراعات وحفظ السلام وحل النزاعات وبناء السلام. ولحق ذلك تسع قرارات اخري لمجلس الأمن، تضم كلتها اجندة المرأة والسلام والأمن، حيث تمثل هذه الأجندة خارطة طريق لتضمين مبادئ حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين في قضايا السلام والأمن. وبالتالي، فإن أجندة المرأة والسلام والامن تنطوي على إمكانيات تحويلية لتحقيق سلام مستدام وشامل للمجتمعات علً الصعيدين المحلي والوطني. وعلى الرغم من ذلك، فإن الصراعات المروعة حول العالم وفى منطقتنا العربية لا تزال تتكشف بآثارٍ مدمرة على المدنيين، بما في ذلك النساء والفتيات هنا في لبنان. فعلى الصعيد العالمي، منذ عام 2017، ارتفع عدد النساء اللاتي يعشن في الأماكن المتضررة من الصراعات بنسبة 50 في المائة. وإن النساء والفتيات يتأثرن بشكل غير متناسب بالصراعات المسلحة، وذلك بسبب زيادة مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعى مثل زواج الاطفال والاتجار والاستغلال الجنسي، بالإضافة الى فقدان فرص العمل وكسب العيش وزيادة انعدام الأمن الغذائي ومحدودية خدمات الرعاية الصحية، ولا سيما خسارة أرواحهن او ان يصبحن ارامل وعائلات لاسرهن. كما ان الصراعات غالباً لا تنتهي عندما يتوقف القتال فتتأثر النساء بشكل خاص.”
وتابعت: “لذلك تؤكد هذه التحديات العالمية إلى اهمية التركيز على سبل منع نشوب الصراعات والنزاعات المسلحة والاستثمار فى تنفيذ أهداف التنمية المستدامة لمعالجة الدوافع الاساسية للعنف وانعدام الامن. ولطالما كانت المرأة هي الضحية في روايات الحروب والصراعات، بما في ذلك استخدام العنف الجنسى ضد المرأة كسلاح لتحقيق مكاسب سياسية. ولقد كانت قضية العنف الجنسي المرتبط بالنزاع جوهر 5 قرارات للأمم المتحدة و 14 بيانا رئاسيا من مجلس الأمن بين عامي 2008 و 2016. وقد جادلت المنظمات غير الحكومية بأن التركيز على الحماية من العنف الجنسي فقط علي حساب باقى المحاور فى اجندة المرأة والامن والسلام يسلط الضوء على المرأة كضحية الصراعات فقط بدلا من وكالة المرأة وقدرتها على بتاء السلام المستدام إذ تعمل عدد لا يُحصى من النساء بنشاطات لمنع الصراعات، والتعافي من الأزمات، وبناء مجتمعات يسودها العدل وسلام مستدام. لذا علينا أن ندعم تلك القيادات النسائية وتوطيد الشراكة معهن، بما في ذلك التمويل الكافى وضمان مقعد لهن على طاولات صناعة القرار، سواء في اعمال الإغاثة الإنسانية أو محادثات السلام، أو خطط إعادة الإعمار.”
بعدها ألقت المحامية شيليبيان كلمة جاء فيها: “إن عصابة التيكتوك التي شكلت قضية رأي عام في لبنان نتيجة جرائم الإغتصاب والإتجار بالأشخاص المرتكبة بحق قاصرات وقاصرين وكما تطرقت الى جرائم العنف الجنسي التي تطال الأطفال ومن هنا كان هذا اللقاء الذي يهدف بصورة أساسية لتسليط الضوء على جرائم العنف الجنسي المرتكبة على الصعيد الوطني وتلك المرتكبة خلال النزاعات المسلحة وبعدها.”
واعتبرت بأنه وسنداً لقرار مجلس الأمن 1820 والقانون الجنائي الدولي فإن جرائم العنف الجنسي المرتكبة خلال النزاعات المسلحة ترقى أن تكون جرائم حرب وجرائم إبادة وجرائم ضد الإنسانية وعليه يجب عدم إصدار إعفاءات بحق المرتكبين أو التمسك بالحصانات مهما كان نوعها.
وختمت أنه بدون عدالة وقانون لا أمن ولاسلام. والعدالة في لبنان تمر اليوم بتحديات كبيرة فأصبحت مكلفة ولم تعد أولوية لدى الفئات المهمشة والفقيرة ، الأمر الذي يحتم العمل لإزالة التحديات وضمان وصول هذه الفئات الى العدالة.
وخلال الجلسة الأولى قدّمت السيدة ريتا راشد سلامة منسقة تطوير المشاريع في الهيئة الوطنية عرضاً موجز حول قرار مجلس الأمن 1325 والقرارات ذات الصلة، كما قدّمت المحامية شيليبيان عرضاً لقرار مجلس الأمن 1820 المتعلق بالعنف الجنسي والقرارات ذات الصلة.
أما خلال الجلسة الثانية، فعرضت المحامية غادة جنبلاط عضو الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية العنف الجنسي في القانون اللبناني : تعريف، إنجازات وثغرات.
وقدّمت أيضاً المحامية شيليبيان عرضاً حول العنف الجنسي في القانون الجنائي الدولي ونظام روما للمحكمة الجنائية الدولية: تعريف، حماية الضحايا والشهود وإنهاء الإفلات من العقاب.
وفي ختام اللقاء دار نقاش بين المشاركات والمشاركين حول الفرص المتاحة، التحديات والتوصيات للوقاية من كافة أشكال العنف الجنسي وحماية الضحايا والشهود و ضمان المحاسبة والعقاب .