كلودين عون خلال افتتاح جلسات حوارية وطنية حول ” قطاع رعاية صغار الأطفال في لبنان” :

” رعاية صغار الأطفال هي حاجة مجتمعية يترتب علينا تلبيتها، وهي أيضاً خدمة تحتاج إلى التباحث في شأن توفيرها. ولنا إلى ذلك أن ننظر إلى القطاع في بعده الاقتصادي، وفي الموارد المطلوبة لتنظيمه وتفعيله.”

22/6/2022

نظّمت الهيئة الوطنيّة لشؤون المرأة اللبنانيّة بالشراكة مع منظمة الاسكوا، وهيئة الأمم المتحدة للمرأة، ومجموعة البنك الدولي ومعهد الدراسات النسائية في الجامعة اللبنانية الأميركية جلسات حوارية وطنية تحت عنوان

” قطاع رعاية صغار الأطفال في لبنان”، وذلك في إطار مشروع “التمكين الاقتصادي للمرأة في المنطقة العربية – تطوير اقتصاد الرعاية” الذي تنفذه الاسكوا .

يأتي هذا اللقاء متابعةً للعمل التنسيقي التي تقوم به الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في إطار تنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الامن ١٣٢٥ حول المرأة والأمن والسلام، خاصة مشاركة المرأة في القطاع الاقتصادي وتمكينها، ومتابعةً للدراسات التي أنجزت والتوصيات التي صدرت عنها حول أهمية توفير خدمات رعاية الأطفال لإفساح مجال العمل أمام الأمهات الراغبات في ولوج سوق العمل في لبنان وفي إجراء المشاورات بغية تنظيم قطاع حضانة الأطفال وتوسيع النطاق الجغرافي التي تقدّم في إطاره.

ورمت هذه الجلسات الحوارية التي ستمتدّ على مدار يومين، إلى بلورة رؤية استراتيجية وطنية موحّدة لتنظيم وتطوير قطاع رعاية صغار الطفال ورسم خريطة طريق للعمل المستقبلي في هذا المجال.

 

وشارك في اللقاء السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، والسيدة مهريناز العوضي مديرة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية الشاملة في الاسكوا،  والسيد فادي سنان مدير عام وزارة الصحة العامة بالوكالة، والسيّد شربل أبي نادر نقيب أصحاب الحضانات المتخصصة في لبنان، والسيدة منى الصلح نائبة رئيسة الهيئة، وأعضاء من الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، وممثلات عن الوزارات المعنية والنقابات والمنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية والجهات المانحة.

 

وألقت السيدة عون كلمة افتتاحية جاء فيها: ” لقد اعتدنا على النظر إلى موضوع رعاية الأطفال، على أنه موضوع يتعلق بالحياة الخاصة، تتم معالجته في إطار الأسرة، وتتخذ بشأنه الخيارات حسب الظروف الخاصة بكل عائلة. واعتدنا أيضاً على الاعتبار أن المسؤولية الاقتصادية في رعاية الأطفال تقع على الوالد، وإن للوالدة أن تأخذ على عاتقها بقية المسؤوليات الرعائية، وخاصة تلك التي تستوجب حضورها الدائم مع الاطفال. ضمن هذا الترتيب للأدوار، تكون النساء مضطرات، عندما يرزقن بولد واحد أو بأكثر، إلى تخصيص مجمل أوقاتهن لرعاية الاسرة. وتدلّ الدراسات أنه في لبنان، تعمل نسب كبيرة من النساء الناشطات في القوى العاملة ما بين سن ال ٢٥ وسن ال ٢٩ سنة من عمرهن، وبعد هذا السنّ تنخفض أعدادهن بشكل ملحوظ. وتعزو غالبية من النساء سبب توقفهن عن العمل، إلى الاضطرار للاهتمام بأسرهن وبالأخص أولادهن الصغار. هذا الأمر يفسر إلى حد بعيد، النسبة الضعيفة لمعدل المشاركة النسائية في سوق العمل في لبنان التي لا تتعدى نسبة ال ٢٥٪؜، في ما هي تقارب على صعيد العالم نسبة ال ٥٣٪؜. ”

وأضافت: “اليوم في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها، تجد النساء أنفسهن مدعوات كما الرجال إلى تحصيل الدخل المالي لتلبية حاجاتهن الشخصية وحاجات أسرهن. وربات الأسر هن معنيات أكثر من سواهن بهذا الشأن. لهذا يتوقع من أية سياسة تعتمد في الدولة لمكافحة امتداد الفقر، أن تأخذ في الاعتبار الحاجة إلى إدماج النساء في سوق العمل، وبالتالي إلى اعتماد السياسات التي تشجعهنّ على ذلك وتوفر لهن الحلول بالنسبة إلى رعاية الأولاد. من هنا حاجتنا اليوم إلى النظر إلى رعاية الأولاد على أنها تشكل قطاعاً بحدّ ذاته، يرمي إلى توفير هذه الخدمة للأهل وللأطفال. فتنظيم هذا القطاع واعتبار الخدمة التي يوفرها، خدمة عامة من حق جميع الأسر الحصول عليها، يندرجان ضمن العمل للمصلحة العامة. فالفائدة من توفير هذه الخدمة للجميع، تؤدي إلى تسهيل مبادرة النساء إلى العمل وتساعد على إبعاد شبح الفقر عن الأسر، وهي تساهم أيضا في إيجاد توازن داخل الحياة الأسرية وفي إقامة علاقات ندية بين المرأة والرجل، مما من شأنه التقليل من مخاطر نشوء ظروف مؤاتية لوقوع حالات العنف.”

وتابعت: “إلى ذلك وقبل كل شيء، لنا ألا ننسى مصلحة الطفل في الحصول على رعاية تتوفر له فيها شروط الأمان الصحي والغذائي والعاطفي وحسن التنشئة العقلية والتربوية. فجميعنا نعرف عن تأثير المحيط على التكوين الذهني للطفل منذ سنينه الأولى. لذا فإن أي إعادة هيكلية لخدمة رعاية الأطفال أيا كانت الجهة التي تقدمها، أكانت جهة حكومية أو جهة خاصة أو حتى فردية، تستوجب الإحاطة بعلم تنشئة الطفل وتنمية قدراته الجسدية والذهنية. وهذا الأمر بحد ذاته يتطلب التنظيم وتوفير حصول مقدمي الخدمات على العلم وعلى التدريب، بغية تأهيلهم للعمل في هذا القطاع. ويقيني أن أول المستفيدين من دورات التأهيل لرعاية الأولاد وتنشئتهم ينبغي أن يكونوا الاباء والأمهات أنفسهم. سيداتي سادتي، إن الخوض في موضوع تنظيم رعاية الأطفال يتطلب التعاون بين أصحاب خبرات مختلفة، وبين جهات من مشارب متنوعة.”

وأشارت إلى أنّ: “لهذا السبب نحن اليوم هنا، ممثلون عن وزارات وهيئات حكومية ومنظمات اجتماعية ومؤسسات دولية وجهات مانحة ونقابات وأصحاب مؤسسات وأخصائيين وخبراء وأكاديميين. فرعاية الأطفال تتطلب أولا حسن تأدية الخدمة وتأمين القدرة على الوصول إليها، وتتطلب أيضا آلية رقابة توحي بالثقة. فهذه الرعاية هي حاجة مجتمعية يترتب علينا تلبيتها، وهي أيضاً خدمة تحتاج إلى التباحث في شأن توفيرها. ولنا إلى ذلك أن ننظر إلى القطاع في بعده الاقتصادي، وفي الموارد المطلوبة لتنظيمه وتفعيله. لذا نبدأ اليوم حواراً وطنياً بهدف التوصل معاً إلى رؤية موحدة لاستراتيجية نعمل جميعاً على تطبيقها، بغية تنظيم قطاع رعاية الأطفال في لبنان، كي تتوفر من خلاله في جميع المناطق خدمة تطمئن إلى جودتها الأمهات كما الاباء. ”

وختمت: “باسم الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية والإسكوا، وهيئة الامم المتحدة للمرأة، ومجموعة البنك الدولي ومعهد الدراسات النسائية في الجامعة اللبنانية الاميركية، الذين تشاركوا في تنظيم هذا الحوار الوطني، أشكر لكم مشاركتكم، وأتمنى لكم ولنا جلسات عمل مثمرة.”

 

بعدها تمّ استعراض الوضع القائم بالنسبة لقطاع رعاية الأطفال في لبنان والتمكين الاقتصادي للمرأة من قبل السيدة ربى عرجا المسؤولة الأولى للشؤون الاجتماعية في الإسكوا، وأدارت الجلستين الأولى والثانية الإعلامية رولى معوّض، وتمحورت الجلستان حول الأطر القانونية والسياسات الناظمة لقطاع رعاية الأطفال في لبنان وتطوير قطاع رعاية الأطفال: بناء وتعزيز المعرفة وتوفير البينات.

وسوف تستكمل الجلسات في اليوم الثاني من الحوار الوطني في 23 حزيران، وسوف تتمحور حول تطوير قطاع رعاية الأطفال: بناء القدرات واجراء التدريبات، والاستثمار في قطاع رعاية الأطفال. وفي ختام الجلسات ستتمّ بلورة رؤية استراتيجية وطنية لقطاع رعاية الأطفال.