كلودين عون خلال افتتاح دورة تدريبية حول “إدماج النوع الاجتماعي في الوساطة ومفاوضات السلام”  لمنظمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة:

” على النساء أن يلعبن دوراً في تهدئة الخواطر لتجنب الصدامات، وهو أمر يتطلب تعمقاً في استيعاب مفاهيم العدالة واحترام حقوق الإنسان، كما يستدعي نشر ثقافة احترام المواثيق والقوانين واحترام الآراء المغايرة.”

 

 

18/10/2021برعاية السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، تعقد منظّمة المرأة العربية وهيئة الأمم المتحدة للمرأة بالتعاون مع دولة اليابان دورة تدريبية حول “إدماج النوع الاجتماعي في الوساطة ومفاوضات السلام” تمتد على ثلاثة أيام. وتهدف هذه الدورة إلى زيادة معرفة المشاركات من كلّ من لبنان وليبيا والسودان والعراق وفلسطين بسبل وطرق مشاركة النساء في المفاوضات السلمية وإدماج النوع الاجتماعي في الوساطة، والتعرف على العوامل الأساسية التي تسهل أو تعيق إدماج النساء في المفاوضات إضافة إلى تعزيز مهارات المشاركات ومعرفتهن بتقنيات المفاوضة والوساطة والتشبيك.

وافتتحت السيدة عون الدورة التدريبية بكلمة قالت فيها: “ليس من السهل العمل على صنع السلام. فالعلاقات البشرية هي أكثر الأحيان علاقات تنافس تصل أحيانا إلى حد التصادم ويعلمنا التاريخ أن فترات السلام كانت على مر العصور، أقل من فترات الحروب. وعلى مر العصور ايضاً تكبدت المجتمعات المدنية معظم الخسائر التي نتجت عن عنف الحروب.

ولم يأت بناء الدول في العالم وإنشاء مؤسساتها ولم يتم اعتماد الدساتير لتنظيم العمل داخل هذه المؤسسات ولم يجر سَّن القوانين للعلاقات البشرية إلا نتيجة لضرورة تجنب المجتمعات مخاطر الإبادة من جراء عنف النزعات المستمرة ويمكن القول أن الحضارة الإنسانية نشأت إنطلاقاً من هذا التوق إلى السلام.

لا يستثنى عالمنا العربي من هذا السياق فنحن نعيش باستمرار في حالات نزاع متنوعة في طبيعتها، منها نزاعات دولية ومنها ايضاً نزاعات داخلية لا تقل عن الأولى قساوة وحدة وانتاجاً للمآسي وللخسائر. ونحن حتى في فترات السلام نعيش نزاعات داخل مجتمعاتنا تتجلى في الصعوبة التي نلمسها كل يوم، في انتظام العمل داخل مؤسساتنا العامة كما الخاصة. ميزة أخرى يتشارك بها عالمنا العربي هي، أن دولنا، بدرجات متفاوتة، هي من بين الدول التي تسجل في العالم أدنى المؤشرات الدالة على مشاركة النساء في صناعة القرار.”

وتابعت: “الخروج من هذا الواقع ليس بالأمر المستعصي فقد أثبتت المجتمعات العربية أنها قادرة على النهوض مجدداً وحققت في السنوات الأخيرة تقدماُ ملحوظاً من نشر التعليم لدى أبنائها وبناتها ورفع نسبة تحصيلهم لأعلى مستوياته .وفي مجالات علمية واقتصادية وسياسية وفنية، أثبتت النساء العربيات قدراتهن على تحقيق النجاح وعلى رفع اسم أوطانهن عالياً وهن مدعوات اليوم إلى مواجهة الصعوبات التي تعيق تطور بلدانهن. من هذه الصعوبات، تلك التي تنتج عن ارتباك آلية عمل المؤسسات أو عن نشوب خلاف في وجهات النظر بين فريقين وذلك في النطاق الداخلي كما على النطاق الدولي وتجدر الملاحظة هنا، إلى ان النساء يتمتعن، بحكم توليهن، في معظم الحالات أمر تنشئة الأولاد في الأسرة، بتميُّز على الرجال بالنسبة إلى القدرة على الانصات للمواقف المختلفة وبالنسبة إلى الخبرة في تقريب وجهات النظر.”

وأضافت: “أتى القرار 1325 لمجلس الأمن في الأمم المتحدة ليلقي الضؤ على الدور الذي ينبغي أن تقوم به النساء في السعي إلى حل النزاعات وليذكر بأن مسؤولية مجلس الأمن الأساسية هي حفظ السلام والأمن الدوليين. فمنظمة الأمم المتحدة هي في الأصل مؤسسة رمى إنشاؤها إلى تجنب الإنسانية ويلات الحروب. بعد مرور اثنين وخمسين عاماً من عمر هذه المنظمة، وتنامي الوسائل التدميرية للحروب واشتداد وطأتها على المجتمعات التي تخوضها وخاصة على مكوناتها غير المشاركة في القتال ومن بينها النساء وفي ظل تناقض هذا الوضع مع التقدم الذي أحرزته النساء في إثبات قدراتهن على اتخاذ المبادرات وعلى القيادة كان لا بد من تطوير المفاهيم الخاصة بسبل السعي إلى حل النزعات. فكان البحث في أمر العمل على تدارك وقوع النزاعات وتطوير مفهوم الديبلوماسية الإستباقية، وكان العمل على الإعداد للقرار 1325 الذي أقلع عن الموقف التقليدي الذي دأب، في الخطاب السياسي والديبلوماسي المعهود، إلى النظر إلى المرأة على أنها الضحية الدائمة، من غير اعتبار لقدراتها المماثلة، وأحيانا المتفوقة، على قدرات الرجل في الحؤول دون وقوع النزاعات وفي المساهمة في وضع الحلول وفي الحفاظ على ديمومتها. وبما أن ليس لهذه القدرات أن تُفَعَل إلا بالممارسة، شدّد مجلس الأمن في قراره على مطالبة الدول “بزيادة تمثيل المرأة على جميع مستويات صنع القرار في المؤسسات والآليات الوطنية والإقليمية والدولية لمنع الصراعات وإدارتها وحلها”. وترافقت مطالبة الدول بمشاركة النساء في صنع القرار بالتأكيد على ضرورة الأخذ بالمنظور الجنساني عند التفاوض على اتفاقات السلام وعند تنفيذ مراعاة الاحتياجات الخاصة بالمرأة والفتاة ودعم المبادرات المحلية المساندة لمشاركة النساء في تنفيذ اتفاقات السلام واتخاذ التدابير الضامنة لحماية واحترام حقوق الإنسان للمرأة والفتاة خاصة في ما يتعلق بالدستور والنظام الإنتخابي والشرطة والقضاء.”

وأشارت إلى أنه : “في خريف العام 2019، اعتمدت الحكومة اللبنانية الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 التي تعمل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية حالياً على تنسيق الأعمال لتنفيذها. أوردت الخطة من بين أهدافها الإستراتيجية زيادة مشاركة المرأة في صنع القرار على جميع المستويات ومن المجالات التي تناولتها، قطاعي الأمن والدفاع، ودور المرأة القيادي في الحياة السياسية والعامة، كذلك أوردت الخطة ضمن أهدافها منع نشوب النزعات وذلك عبر تعزيز الحوار وبناء الثقة وزيادة مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار المتعلقة بتسوية النزاعات. ومن بين التدخلات التي لحظتها لهذا الغرض، التثقيف في مجال السلام وحقوق الإنسان والمرأة في المؤسسات التربوية على المستوى المدرسي كما على المستوى الجامعي، ونشر المعرفة على الصعيد العام بسبل معالجة الخلافات عندما تنشب، والعمل على تعزيز الثقة بين أجهزة أنفاذ القانون والمجتمعات المحلية وبناء قدرات الشبكات النسائية بغية التعامل مع مؤشرات ظهور مخاطر مهددة للسلم الأهلي. وعلى مستوى العلاقات الخارجية لحظت الخطة زيادة المشاركة النشِّطة للمرأة في الحوارات وفي الوفود المحلية والوطنية والإقليمية والدولية والرسمية، وإنشاء شبكة وطنية للنساء الوسيطات وتأهيل أعضائها وبناء قدراتهن وإصدار توجيهات حكومية لدمج قضايا النوع الاجتماعي في اتفاقات المصالحة الوطنية وصنع السلام.

نأمل أن تتمكن مؤسساتنا من القيام بهذه المبادرات وأن تأتي ثمار هذه المبادرات مطابقة للنتائج المرجوة.”

واعتبرت أن : “وقوع أحداث، كالأحداث الأليمة التي جرت مؤخراً في بيروت، يذكرنا بضرورة العمل باستمرار، ودون كلل، على إيجاد الأطر المؤسساتية المناسبة وعلى اعتماد سبل في العمل تكون مؤاتيه للحفاظ على العلاقات السلمية داخل المجتمع. في مثل هذا الوضع، للنساء صاحبات القرار في مؤسسات الدولة كما في المؤسسات الحزبية وفي منظمات ومؤسسات المجتمع المدني وفي الإعلام بشتى وسائله كما للنساء الناشطات في وسائل التواصل الاجتماعي، دور كبير، لهن أن يقمن به في تهدئة الخواطر لتجنب تجدد الصدامات. ليس هذا بدور سهل. والقيام به يتطلب تعمقاً في استيعاب مفاهيم العدالة واحترام حقوق الإنسان وعدم انتهاك الدساتير والقوانين، كذلك يتطلب القيام بهذا الدور اعتماد نهج معيًّن في التصرف وفي التعامل كما يستدعي نشر ثقافة احترام المواثيق والقوانين واحترام الآراء المغايرة.”

وختمت : “إن مبادرة منظمة المرأة العربية وال UN WOMEN إلى تنظيم هذه الدورة التدريبية حول مهارات التفاوض والوساطة من منظور النوع الاجتماعي، التي خصّتا بها السيدات المعنيات ببناء وصنع وحفظ السلام وإعادة بناء الدولة، في كل من دول ليبيا والسودان والعراق وفلسطين ولبنان، تأتي لتلبية حاجة دعم النساء في بلداننا الجريحة إلى تنمية قدراتهن والتمكن من إسماع أصواتهن في الدعوة إلى النزاعات بالطرق السلمية.

نشكر منظمة المرأة العربية  ومديرتها العامة الدكتورة فاديا كيوان وال UN WOMEN على هذه المبادرة ونشكر حضوركم ومشاركتكم ونتمنى لكم دورة ناجحة ومثمرة.”

وألقت د. فاديا كيوان المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية كلمة، اشارت فيها “الى اهمية انعقاد الدورة الحالية خاصة في ظل ما تشهده بعض دول المنطقة من نزاعات واعادة بناء الدولة، تستوجب مشاركة النساء في مختلف مراحل عمليات المفاوضات والوساطة المعنية بصنع وبناء السلام.”

وأكّدت “وجود تحديات عدة تواجه مؤسسات العمل المشترك وكذلك الآليات الوطنية المعنية بشؤون المرأة في الدول العربية:

– الاول يتعلق باتساع مروحة القضايا في العقدين الاخيرين لتضم في جعبة قضايا المرأة قضايا المناخ والبيئة التي تواجهها المرأة في مقدمة الصفوف.

-اجندة التنمية المستدامة التي دفعت صانعي القرار؛ ومنهم الاليات الوطنية المعنية بالمرأة ، الى ايجاد تعاون كامل بين مختلف الاليات الوطنية المعنية بتنفيذ اهداف التنمية المستدامة وتلك المعنية بشؤن المرأة.

-التحدي الاخر يتعلق باطلاق ميثاق المرأة والامن والسلام والعمل الانساني ، مما أطلق هاجس دمج قضايا المرأة في اوضاع النزاع بقضايا التدخل للعمل الانساني.”

وختمت بضرورة التنسيق والتعاون بين الآليات الوطنية والإقليمية والآليات التابعة للأمين العام للأمم المتحدة والمكلفة بمواضيع المرأة والامن والسلام واللجنة الدولية لمتابعة تطبيق سيداو لأجل ايلاء الاهتمام اللازم لجهة تنفيذ التوصية الصادرة عن اللجنة رقم ٣٠ والخاصة بالاهتمام بالمرأة وأوضاعها في الحروب.”

كما ألقت الأستاذة سوزان ميخائيل المديرة الإقليمية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة كلمة شكرت فيها الدولة لبنان لاستقبالها المشاركات وللسيدة كلودين عون وللدكتورة فاديا كيوان ولجميع العاملين على تنظيم الدورة.

وأكّدت على أن مشاركة المرأة تعد ركيزة أساسية لتحقيق السلام المستدام ، مؤكدة على أن Un women ستظل ملتزمة بدعم مشاركة المرأة في عمليات السلام في الدول العربية.”