كلودين عون في إطلاق “برنامج الجنوب IV” حول تعزيز التعاون الإقليمي في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية:

 

“إن تطوير عمليات رصد حالات العنف الأسري لاستنباط المبادرات الأكثر فعالية للحؤول دون وقوعها، والتعاون مع السلطات الأمنية والقضائية والصحية لكي تعزّز إدماج مقاربات احترام حقوق الإنسان لضحية العنف في سياساتها، هما من أبرز ما تعمل الهيئة الوطنية لشؤون المرأة على تحقيقه في المرحلة المقبلة”.

26/11/2020 شاركت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في المؤتمر الإقليمي الافتراضي حول مناهضة العنف ضد النساء، الذي يأتي في إطار إطلاق المرحلة الرابعة من برنامج “تعزيز التعاون الإقليمي في مجال حقوق الإنسان وسيادة القانون والديمقراطية” (برنامج الجنوب IV)، وهو مبادرة مشتركة بين مجلس أوروبا والإتحاد الأوروبي خلال الفترة 2020-2022، تهدف لدعم الإصلاحات الديمقراطية في منطقة جنوب المتوسط.شارك في المؤتمر أصحاب المصلحة الرئيسيين في منطقة جنوب المتوسط وممثلون رفيعو المستوى من الإتحاد الأوروبي ومجلس أوروبا.

وألقت السيدة عون كلمة في جلسة حول “كيفية تكثيف الحوار في جنوب المتوسط لمناهضة العنف ضدّ النساء والفتيات” والتي أتت ضمن إطار حملة ال 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، وقالت فيها:” إن تدعيم ثقافة حقوق الإنسان ومفهومي دولة القانون والديمقراطية في دولنا المتوسطية هو في أساس أي إصلاحٍ نتطلع إليه في السياسات كما في الممارسات في بلداننا. وإذا كانت ظاهرة ممارسة العنف ضد النساء ظاهرة عالمية مشتركة، فإن مكافحتها في مجتمعنا هي أكثر صعوبة بفعل الموروثات الثقافية السلبية التي بلغت أجيالنا المعاصرة بعد أن تراكمت خلال قرون من الجهل والفقر. ومن أبرز هذه الموروثات سوءاً وتأثيراً على مجتمعاتنا، النظرة الدونية إلى المرأة التي اعتبرت خلال عصور، على أنها عبءٍ على مجتمعها، قاصرة في تفكيرها، عاجزة عن حماية ذاتها، وبالتالي قابلة للتأنيب وللمعاقبة وحتى للقتل من جانب أي قريب لها من الذكور.”

وتابعت:” لذا أدركت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية ومعها منظمات المجتمع المدني، أنه كي تكون فعالة، ينبغي لمكافحة العنف ضد المرأة أن تنطلق من تصحيح نظرة المجتمع ككل إليها وتحديداً نظرة المشرعين، ذلك تزامناً مع المطالبة بتجريم ممارسة العنف ضد النساء. هكذا شاهدنا في لبنان في مرحلة أولى المطالبة بالحقوق السياسية والاقتصادية للمرأة، وكان بعد ذلك التوصل إلى استبدال القانون للعذر المحِّل بالعذر المخفِف في الجرائم التي كانت تسمي جذافاً “بجرائم شرف”، ومن ثم إلغاء القانون للأسباب التخفيفية في جرائم قتل النساء، أيا ً كانت مزاعم التذرع “بالشرف”. وكان في العام 2014 اعتماد قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري”.”

وأضافت:” شكل اعتماد هذا القانون خطوةً رئيسية للاعتراف بحقوقٍ للمرأة المعنفة في أسرتها. إنما بعد انقضاء أربع سنوات على إقرار هذا القانون، تمَّ رصد البعض من النواقص في تدابير الحماية الضحية، التي فرضها. كما تمَّ رصد بعض الشوائب في إجراءات تنفيذ بعض احكام القانون، وإلى ذلك، ظلت المادة التي قضت فيه بإنشاء صندوق خاص يتولى مساعدة ضحايا العنف الأسري، غير مفعَّلة. لذا تجهد الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية منذ حوالي عامين لدفع المشرعين إلى إدخال بعض التعديلات على هذا القانون بغية توفير حمايةً أكثر فعالية للضحية وأولادها، ولمساعدتها على تخطي محنتها، وتسهيل إجراءات ملاحقة الجاني. وقد اقترب البعض من التعديلات المقترحة إلى مرحلة الإقرار النهائي من جانب البرلمان كما نجحت المساعي للعمل على إنشاء صندوق لتقديم الدعم لضحايا العنف الأسري، في إيصال هذه المبادرة إلى مراحل متقدمة.”

وذكّرت السيدة عون في كلمتها بأن من بين التشريعات التي ساهمت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في إعداد نصوصها والتي قطعت شوطاً على طريق إقرارها النهائي من جانب المجلس النيابي مشروع قانون تجريم التحرش الجنسي وتأهيل ضحاياه.

وقالت:” تجدر الإشارة إلى أن الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية تولي اهتماماً خاصاً بحماية الفتيات من العنف الجنسي الذي قد يتعرّضنَّ له بالتزويج المبكر. لِذا تُطالِبُ الهيئة المُجلِس النيابي، بِمنُاقَشَةِ وإقرار اقتراحِ القانون المَعروض على اللّجان النّيابية، والذي يَرمي إلى اعتماد سنّ ال 18 سنة، كَسِن أدنى لِلزواج.

كذلك تدعم الهيئة مشروع قانون يرمي إلى إلغاء التشريع الذي يجيز الإفلات من العقاب للمرتكب الذي جامع قاصرةً يزيد عمرها عن 15 سنة، إذا ما أقدم على الزواج منها.

من ناحية أخرى، وعلى صعيد السياسات العامة نشير إلى أن الخطة الوطنية لتطبيق القرار 1325 لمجلس الأمن حول المرأة والسلام والأمن، التي باشرت الهيئة الوطنية بتنفيذها، اعتمدت من بين أهدافها الاستراتيجية الخمسة، هدف “وقاية النساء والفتيات من العنف المبني على النوع الاجتماعي وحمايتهن منه، من خلال توفير نظام حماية متكامل للضحايا الناجيات، وتحسن قدرات قطاعات القضاء والأمن والصحة لتوفير هذه الحماية.”

ورأت أنه: “ضمن هذا الإطار السياسي العام، وإزاء الزيادة الملحوظة التي سجلتها قوى الأمن الداخلي في عدد الشكاوى من حالات عنف أسري خلال فترة الحجر المنزلي الذي فرضته الحكومة للحد من انتشار وباء فيروس كوفيد 19، قامت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، بدعم من بعض الشركاء برصد حالات العنف التي تتعرض له النساء مستندة إلى مجموعة من المؤشرات الدالة المحددة علمياً. وفي التوجه نفسه تباحثت الهيئة في سبل مواجهة التحديات الراهنة مع المؤسسات الرسمية والخاصة والمنظمات غير الحكومية التي توفر خدمات الدعم والإيواء للناجيات. وقد تجاوبت كل من وزارة العدل والنيابة العامة التمييزية مع طلب الهيئة بفتح شكاوى فورية للنساء المعنفات داخل أسرهن وعلى الاكتفاء بتلقي افادات ضحايا العنف الأسري عبر الهاتف في حال عدم التمكن من الحضور إلى المفرزة القضائية. وخلال هذه الفترة، كثّفت الهيئة جهودها التوعوية، بالاشتراك مع قوى الأمن الداخلي، لتشجيع النساء اللواتي يتعرضن للعنف، أو أي شاهد أو شاهدة على وقوع حالة عنف أسري، على إبلاغ قوى الأمن بذلك عبر الخط الساخن 1745 الذي استحدثته مديرية قوى الأمن الداخلي لهذا الغرض. كما نظمت الهيئة مع قوى الأمن الداخلي أيضاً حملات توعوية لتشجيع ضحايا جرائم الابتزاز والتحرش الجنسي عبر الإنترنت على الاتصال بقوى الأمن عبر خط ساخن مخصّص للشكاوى في هذا المجال.”

وعن المرحلة المقبلة قالت السيدة عون: “سوف تستمر الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في المرحلة المقبلة في بذل الجهود لمكافحة ظاهرة العنف ضد المرأة عبر السعي إلى رصد المعطيات المحيطة بهذه الظاهرة، والاستفادة من تجارب وخبرات الدول المجاورة بنا في هذا المجال، لذا نخطط في الهيئة الوطنية للمبادرات الآتية:

– أولاً: تطوير عمليات رصد حالات العنف بغية التوصل إلى تحليل صحيح يمكِّننا من استنباط المبادرات الأكثر فعالية للحؤول دون وقوعها.

-ثانياً: رصد العوامل الثقافية المؤثرة في ممارسة العنف ضد النساء أو في الامتناع عن اقترافه، والعمل بالتنسيق مع القيمين على السياسات التربوية ومع قادة الرأي في وسائل الإعلام ونشر الثقافة، وفي وسائل التواصل الاجتماعي، على مكافحة هذه الظاهرة.

-ثالثاً: متابعة رصد القوانين المجحفة بحقوق المرأة أو المتجاهلة لها بغية السعي إلى تعديلها أو إلى وضع قوانين جديدة.

-رابعاً: التعاون مع السلطات الأمنية والقضائية والصحية لإدماج مقاربات احترام حقوق الإنسان لضحية العنف في المواد التدريبية لعناصر الأجهزة المولَجة بإنفاذ القانون وتدريب هذه العناصر على مراعاة الأوضاع الخاصة للنساء المعنفات وتسهيل الإجراءات القضائية في حالات العنف ضد المرأة.

-خامساً: التعاون مع الأجهزة الرسمية المختصة ومع منظمات المجتمع المدني المعنية لإجراء مراجعة لمجمل الخدمات التي يتم تقديمها لضحايا العنف، من تأمين الإيواء إلى توفير الخدمات الصحية والاقتصادية والتأهيلية وذلك بغية العمل على تحسين جودتها.

-سادساً: متابعة استحداث صندوق دعم ضحايا العنف الأسري والتحرش الجنسي والإتجار بالبشر، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية.”

وختمت: ” نأمل أن تأتي جهودنا بالنتائج المرجوة.”