تأكيداً على التزام قوى الأمن الداخلي في مكافحة العنف الأسري

عرض للإنجازات التي تحققت وآخرها الخط الساخن 1745 خلال حفل أقيم في معهد قوى الأمن الداخلي في عرمون

5-11-2018 برعاية المدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ممثلاً بقائد معهد قوى الامن الداخلي العميد أحمد الحجار، وبالتعاون مع منظمة “كفى عنف واستغلال”، أقيم بعد ظهر اليوم 5/11/2018 في معهد قوى الأمن الداخلي – عرمون، حفل تخريج عدد من الضباط والرتباء والأفراد الذين تابعوا دورة تدريبية على مساندة ضحايا العنف الأسري.

حضر الحفل رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز، رئيسة منظمة “كفى عنف واستغلال” زويا روحانا، ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان أسمى قرداحي، وممثلون عن: قيادة الجيش والأجهزة الأمنية، السفارات الأميركية والأوروبية في لبنان، المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافةً إلى ممثلين عن منظمات دولية وجمعيات من المجتمع المدني وشخصيات اجتماعية، وضباط من قوى الأمن الداخلي ومهتمّين.

بدأ الحفل بالنشيد الوطني اللبناني ثم ألقى عريف الاحتفال العقيد إيلي الأسمر كلمة رحّب فيها بالحضور.

كلمة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، ألقتها السيّدة كلودين عون روكز:

يَسُرُّني أن أشارِكَكُم حفلَ تخريج ضُباط وعناصر من قوى الأمن الداخلي مُدَرَّبين على مسانَدة ضحايا العنف الأسري، وإطلاق الخط الساخن رقم 1745 المُرتبِط مباشرة بغرفة عمليات المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، لمعالجة شكاوى العنف الأسري بطريقة فَعّالة وسريعة. إن قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري الذي تَطلَّب إقرارُه سنوات، والذي نعمل حالياً على تعديل بعض مواده لضمان حماية أكبر للنساء وأطفالهنّ، من شأنِه أن يَخرِقَ الثقافة السائدة عندَ البعض في مجتمعنا، وأن يُخفّفَ من استضعاف النساء ومن تعرّضهنّ للعنف بمختلف أشكاله، إذا ما تمّ تفعيل تطبيقه بشكلٍ كامل. أُقدّرُ شخصيّاً، كرئيسة للهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، التعاون والتنسيق بين مختلف الجهات الشريكة في إطلاق الخط الساخن 1745 ، وأولها منظمة “كفى” التي تحثّنا دائماً على السعي وعلى ملاحقة المعاملات نحو تطبيق القانون، الذي لم يطبّف بالكامل حتى الآن، كما أشكر تعاون المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. بعد هذه المبادرة، نتمنّى الإسراع في إنشاء مركز شرطة متخصّص لحماية النساء والأطفال وضحايا العنف الأسري ومأوى خاص لهم، ولتكن هذه الخطوات التي أتت استكمالاً لتفعيل تطبيق القانون 293 الخاص بالعنف الأسري، دافعاً لإقرار مراسيم تطبيقية للقوانين كافة بهدف وضعِها موضعَ التنفيذ في أسرع وقت ممكن. أشكر قوى الأمن الداخلي، ومنظمة “كفى” ووزارة الإتصالات، ووزارة العدل على تعاونهم الكبير، وأشكر القضاة لتحكيم الضمير في قضايا العنف الأسري وللدّور الذي يقومون به لتقريب مَواقِف الأفرقاء المتنازعيين ولقيامِهم بدور الوساطة. من المؤكد، أننا معاً، جهات رسميّة وجمعيّات أهلية، نستطيع أن نتكاتف ونتعاون في مختلف المجالات، بهدف الوصول إلى مجتمعٍ أفضل يرتكزُ بشكل أساسي على الثقافة المُجتمعيّة، وذلك بمساندة الجهات الدوليّة الداعمة لتطبيق مبادئ حقوق الإنسان والقانون الدولي، وهذه مبادئ كنا في لبنان أوّل من دعى إليها في العالم. أدعو النساء المعنَّفات إلى عدم التردّد باللجوء إلى الحماية التي يوفّرها لهنّ ولأطفالهنّ القانون وقوى الأمن الداخلي، من خلال الإبلاغ عن الشكاوى عبر الإتصال المباشر بالخط الساخن 1745. كما أدعو الأهل والأقارب والجيران إلى الإبلاغ عن حالات العنف التي يرصدونها في محيطهم، ليساعدوا بدورهم النساء المعنّفات اللواتي لا يجرؤنَ على الإفصاح عن وَضعِهنّ خوفاً من ردة فعل الزوج، وليشكلوا رادعاً للزوج نفسه، الذي يجب أن يَعي أن أي مواطن أو قريب باستطاعته الآن الإتصال بقوى الأمن الداخلي على الرقم 1745، عند سماع أي صوت أو لمس أي إشارة تدلّ على وجود إمرأة أو أطفال مُعَنّفين. فلنتخلّى في ثقافتنا عن ممارسات العنف لتصبح ثقافة مجتمعنا، ثقافة إحترام الآخر وثقافة إحترام الاختلاف عند الإنسان الآخر وثقافة احترام كل القوانين التي تضمن حقوق كلّ مكونّات مجتمعنا على حد سواء.

كلمة صندوق الأمم المتحدة للسكان، ألقتها السيّدة أسمى قرداحي:

إن الكفاح من أجل المساواة بين الجنسين ليس رحلة سهلة، والعنف ضدّ النساء والفتيات يظل للأسف حقيقة مظلمة. إنها واحدة من أكثر انتهاكات حقوق الانسان انتشاراً في العالم، وهي تحدث كل ثانية من كل يوم وفي كي مكان. على الرغم من تحقيق بعض التقدّم في لبنان في ما يخص المساواة بين الجنسين وتمكين النساء، لا تزال هناك بعض التحدّيات المتعلّقة بالقوانين المجحفة بحق النساء، إضافةً إلى العوامل الثقافية والموروثات الاجتماعية، ونقص التعليم والوعي حول آثار عدم المساواة بين الجنسين والعنف ضد المرأة التي تساهم جميعها في عرقلة وصول النساء والفتيات إلى الفرص المتساوية وتحقيق كامل إمكاناتهن. احتفلنا الأسبوع الفائت بتواجد الصندوق في لبنان منذ 25 سنة، خلال هذه السنوات، وبالتعاون مع شركائنا، التزمنا بتعزيز المساواة بين الجنسين ومكافحة العنف ضدّ النساء والفتيات. فعلى سبيل المثال لا الحصر ساهمنا في تطوير استراتيجيات وأدلّة ذات صلة كما دعمنا برامج لتعزيز القدرات الوطنية والمؤسساتية لتحسين الخدمات الجيدة ولتقديم المساعدة النفسية والقانونية والاجتماعية، وتعاونّا مع جهات حكومية وغير حكومية لزيادة الوعي على المستويين الوطني والمجتمعي لتعزيز حقوق جميع النساء من أجل العيش بكرامة وبدون عنف أو إساءة. وبالشراكة مع جمعية “كفى” دعمنا جهود كسب التأييد التي ساهمت بإقرار القانون 293 الذي يعمل على حماية النساء من العنف الأسري أيضاً بالشراكة مع “كفى” دعمنا تعزيز قدرات قوى الأمن الداخلي وتطوير بطاقة تعليميّة التي تحدّد دورها في التعامل مع حالات العنف ضدّ المرأة. وقد ساهمت هذه البرامج بزيادة نسبة الإبلاغ عن حالات العنف الأسري والتعاطي معها، وبخاصة من قبل الناجيات أنفسهن، وذلك بفضل تفاني وتعاون قوى الامن الداخلي وكذلك المنظمات غير الحكومية المتخصّصة مثل “كفى” والتي تمكنت في بعض الحالات بتوفير الحماية للناجيات. أيضا، من خلال شراكتنا مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وبالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة ذات الصلة، وضعنا خطة عمل وطنية حول قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن. وهي اول أداة دولية تنظر إلى النساء في النزاعات المسلّحة كمشاركات ناشطات في توفير الأمن والسلام في المجتمع وسيتم ترجمة هذه الخطة من خلال برامج وأنشطة وتدخّلات متعدّدة. أخيراً وليس آخراً نحن في صدد وضع اللمسات الأخيرة على الاستراتيجية الوطنية للحدّ من العنف على النساء والفتيات وبالشراكة مع وزارة الدولة لشؤون المرأة و”الإسكوا”. لقد قامت المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة نتاليا كانِم، بزيارة لبنان الأسبوع الفائت لحضور مؤتمر إقليمي حول السكان والتنمية، فضلاً عن تسليط الضوء على أهميّة عمل الصندوق على المستوى الوطني. وقد زارت الدكتورة كانِم ملجأ للنساء، وهو واحد من عدّة مساكن يدعمها الصندوق وتحدّثت إلى النساء اللواتي نقلن قصصهن عن العنف الأسري وكيف تمكنّ من تخطي حالاتهنّ المأساوية نتيجة الدعم الذي حصلن عليه. وأكّدت المديرة التنفيذية إصرار واستمرار الصندوق في المساهمة في توفير مساحات آمنة للناجيات وللنساء المعرّضات للخطر واطفالهنّ، ومُنحِن الحماية التي يحتاجونها. سيداتي وسادتي، في مكانٍ ما في لبنان، وفي هذه اللحظة بالذات، من المحتمل أن تتعرّض امرأة للإساءة، تشعر بأنها محاصرة، وحيدة، معرّضة للخطر، غير آمنة وغير محميّة، هي قلقة على نفسها وعلى أطفالها، وليس لديها أحد تلجأ إليه. لنتخيّل الآن الفارق الذي يمكن أن يقدّمه الخطّ الساخن لإمرأة في ظرفها. لديها الآن إمكانية الوصول إلى المعلومات والإحالة والحماية، لديها الدعم والمساعدة، وعندما تشعر بأنها في خطر، هي تعرف أن الخطّ الساخن هو الوسيلة الأكيدة للنجاة، ومن جهات وعناصر يمكن الاعتماد عليها. إن تدريب عناصر قوى الامن على كيفية الاستجابة للإبلاغ عن حالات العنف وكيفيّة تطبيق نهج يركّز على الناجين / الناجيات، هو من المناهج التي يدعمها الصندوق بالتعاون مع جمعية “كفى” وامر بالغ الأهميّة لمساعدة النساء والفتيات على تحقيق حقوقهن الكاملة، وبالتالي لا يجب على تلك المرأة أن تشعر بالخوف من جديد. وفي الختام أشير إلى كلمة الدكتورة كانِم التي ألقتها في الجمعية العمومية للأمم المتحدة مؤخراً: “أؤكد لكم أننا في صندوق الأمم المتحدة للسكان لن نتوقّف حتى تُتاح لكل امرأة وكل فتاة، في جميع أنحاء العالم، السلطة والمعلومات والوسائل لكي تأخذ قرارها بنفسها وتحدّد مصيرها. وهي قضية تستحق المكافحة من أجلها، وقضية يدافع عنها الصندوق في كل يوم، وفي كل مكان.

كلمة منظمة “كفى عنف واستغلال”، ألقتها السيّدة زويا روحانا:

لأننا نؤمنُ بأننا كمنظمات مجتمعٍ مدني لن نتمكّنَ من حل المعضلات التي نواجهُها دون تكاتف جهود المعنيين، ودون الشراكةِ مع مؤسسات الدولة المختلفة، كانت شراكتُنا مع مؤسسةِ قوى الأمن الداخلي ضمنَ استراتيجيةٍ طويلة المدى، بدأت منذ أن بدأنا بمسعانا لنقلِ العنفِ الممارسِ ضد النساء من الإطارِ الخاص إلى الإطار العام ليصبحَ تحت طائلة القانون وليصبحَ قضيةً مجتمعية يُفترضُ على كافة مؤسسات الدولة تحمّلُ مسؤوليةِ مواجهتِها. من هذا المنطلق، كانت مبادرتُنا لإستصدار قانون خاص لمناهضة العنف ضدَ النساء، وكانت مشاركةُ قوى الأمن الداخلي قد بدأت منذ المراحلِ الأولى لصياغةِ مسودّتِه عامَ 2007، ومن هذا المنطلق، سعَينا مع قوى الأمن الداخلي إلى مأسسة مهمة مكافحة العنف ضدَ النساء، وذلك عبر استراتيجيةٍ هادفة وواضحة، لا تقتصرُ على بعض الأنشطة المتفرقة – بل هي عبارةٌ عن أنشطةٍ متكاملة تهدُفُ إلى تأمين استدامة هذا العمل داخلَ مؤسسة قوى الأمن الداخلي، وضمانِ فعاليته. لن أكررَ ما سبقَ عرضُهُ حول ما تم انجازُهُ بالشراكة مع قوى الأمن الداخلي ابتداءً من إعداد البطاقة التدريبية وبقية المواد التدريبية، وتجهيزِ غرفة مخصصة للتدريب على العنف الأسري في معهد قوى الأمن الداخلي وصولاً الى الخط الساخن 1745الذي أطلقَ بالأمس القريب. إلا أنه يهمُنا أن نشيرَ أنه، ومنذُ البداية، كانت هذه الشراكةُ ثلاثيةَ الأطرافِ فلا يمكنُ أن ننسى التفاعلَ الإيجابيَ للنيابة العامة التمييزية التي أصدرت التعاميمَ اللازمةَ لتفعيل دور قوى الأمن الداخلي في مكافحة العنف ضُد النساء، وذلك استجابةً للتوصيات التي صدرت عن الطاولات المستديرة التي كانت تُعقد باستمرار بين ضباط ٍمن قوى الأمن الداخلي ومحامين عامين للنقاش حولَ الدورِ التكاملي للطرفين. فحتى قبل إقرار القانون 293 أصدرَ مدعي عام التمييز تعميماً يُلزمُ النياباتِ العامة بإحالة شكاوى العنف الأسري الى المفارز القضائية المجهزّة وكان أن بدأَ تكريسُ عنونة الشكاوى بشكاوى العنف الأسري وذلك عامَ 2013. وفيما كان يتمُ إصدارُ مذكرات بحثٍ وتحرٍ بجرم الفِرار من المنزل الزوجي بحق النساء اللواتي كنَ يتركنَ منازِلهُنً هرباً من العنف، وهو جرمٌ لا وجودَ له في النص القانوني لكنه كان ينفذُ واقعياً ويتِمُ على أساسه توقيفَ النساء وسوقهنّ، مع كلِ ما يستتبعُ ذلك من إهانة وإذلالٍ للنساء، صدر تعميمٌ عن النيابة التمييزية لتصحيحِ هذا الأمر والاكتفاء بالبحث عن مفقودٍ فقط للتأكد من أن السيدةَ لا زالت بأمانٍ ولم يتِمَ قتلُها وإخفاءُ جثتِها ومن بعدها تمَ التقدمُ بشكوى فرارٍ من المنزل. وبهدفِ مأسسةِ العمل وضمانِ استدامتهِ وفعاليتهِ، توسّعَ إطارُ الشراكة فيما بين كفى وقوى الأمن الداخلي ليشمُلَ المساعدةَ على وضع برنامجِ معلوماتيةٍ خاصٍ لتسجيل شكاوى العنف الأسري التي تقدّمُ إلى مراكزِ قوى الأمن الداخلي، ورصدِ الإجراءات المتخذة، مما يوفّرُ قاعدةَ معلوماتٍ لحالات العنف الأسري هي الأولى من نوعِها في لبنان. ومن أجل استكمالِ تطبيق قانون 293، سعينا مع المديرِ العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان وبالتعاون مع الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية، إلى وضع خطٍ خاصٍ لتلقي شكاوى العنف الأسري وعملنا على تدريب العناصرِ المولجة بالإجابة على هذا الخطِ مستندين إلى التجربة التي تراكمت على مدى السنوات السابقة لدى خط الدعم في مركز” كفى”، وحرصا منا على تقييم حلقات التدريب المستمرة منذ العام 2013، والتي طالت لغاية الآن 1300 عنصر، وتبيان مدى فعاليتها ومدى نجاحها في تعزيز معرفة العناصر المستهدفة في التدريب حول إشكالية العنف الأسري والإجراءات الواجب اتخاذُها لدى تلقي الشكاوى، تعاقدنا مع إحدى الشركات لإجراء هذا التقييم عبر التواصل المباشر مع مجموعة من العناصر التي كان قد جرى تدريبُها تمت تسميتُهم من قبل معهد التدريب، شملت 150 عنصرا، وكانت نتائجُ البحث كما يلي:

94 % من العناصر وجدت التدريبَ مفيداً، فيما وجد 1% منهم التدريبَ غيرَ مفيد على الإطلاق، والباقي كانوا حياديين. 83% من العناصر وجدوا أن الموادَ التدريبية والمطبوعات التي حصلوا عليها كانت مفيدة وعملية. 79% وجدوا أن التدريبَ سمح لهم بالحصول على المعلومات المطلوبة عن أفضل الطرق للتعاطي مع الشكاوى، فيما وجد 19% منهم بأن التدريبَ لم يكن عمليا لأن الأمورَ على أرض الواقع تكون مختلفةً عما اكتسبوه خلال التدريب، وهنا لا بدَ أن نشير إلى العوائقِ اللوجستية التي عبّر عنها بعضُ المتدربين والتي تحولُ دون تمكنّهم من الاستجابة الفعّالة: 18% وجدوا أن مدةَ التدريب لم تكن كافية. وفي جواب على القضايا الخمس الأساسية التي تم اكتسابُها من التدريب، فكانت التالية: -ضرورةُ وجود عنصرٍ نسائي أثناء التحقيق – التحدثُ بلطف مع الضحية من أجل طمأنتها ( مذكرة الخدمة الصادرة عن المدير العام وبطاقة التواصل) – تعريفُ الضحية على حقوقها – الإجراءات الواجب اتباعُها. أما نقطةُ الضعفِ الأساسيةُ التي أشارت إليها الدراسةُ فهي عدمُ وضوح صلاحياتِ عناصرِ قوى الأمن الداخلي في التدخل في حالات العنف الأسري دونَ إذن من النيابات العامة. نحن نتطلّعُ إلى الاستمرار في عقد مثل هذه الدورات التدريبية التي أثبتت فعاليتَها على أرض الواقع وهو ما نتلمسُّه يومياً من خلال متابعتنا للحالات، وسدِ نقاطِ الضعف التي ظهرت من خلال التقييم. وأخيراً، يهمنا أن نؤكدَ اعتزازَنا بهذه التجربةِ الفريدة والأولى من نوعها، ليس فقط في لبنان، وإنما في الدول العربية أيضا، ونتطلّع إلى تعزيزها، ومتابعةِ ما لم يتمَ إنجازُه بعد من مشاريع، وبصورة خاصة، استكمالُ الإجراءات الإدارية لإنشاء مركز القطعة المتخصصة بجرائم العنف الأسري التي نص عليها قانون 293، بعدما أخذنا الموافقةَ من الجهات الرسمية على تخصيص جزء من معهد التدريب القديم في منطقة الوروار لتأسيس هذا المركز، خاصةً وأن الجهازَ البشري المتخصصَ بإدارة هذا المركز قد أصبح جاهزا، إضافة إلى الخط الساخن 1745.

كلمة مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان ألقاها العميد أحمد الحجّار:

بإسم اللواء المدير العام لقوى الأمن الداخلي الذي شرفني بتمثيله في هذا الاحتفال وباسمي الشخصي، أرحب بكم جميعاً في معهد قوى الأمن الداخلي في عرمون.

تنبع فلسفة العمل الشرطي من حاجة الأفراد في المجتمع إلى الحماية من أي اعتداء، مما يرسّخ القناعة بأن قوى الأمن الداخلي هي الملاذ الآمن لهم، حيث يلجأ الناس إلى أقرب مركز لقوى الأمن لدى شعورهم بالخطر أو تعرضهم لأي اعتداء. يُشكِّل العنف الأسري أحد أهم التحديات التي تواجهنا، نظراً لصعوبة كشف حالاته التي غالباً ما تبقى طي الكتمان. أضف إلى ذلك صعوبة جمع الأدلة الكافية لإدانة مرتكبي هذا النوع من الجرائم. ولا شك أن توطيد الثقة بين قوى الأمن الداخلي والمواطنين من شأنه أن يدعم فرص النجاح في مكافحة هذا العنف والحد من تداعياته. إنّ قوى الأمن الداخلي، تسعى دون توقف لرفع مستوى الخدمة الشرطية ضمن رؤية عمادها الشراكة، فرؤيتنا “معاً… نحو مجتمع أكثر أماناً” ما هي إلّا تجسيد لتطلعاتنا بأن نعمل معكم جنباً إلى جنب لخدمة أبناء مجتمعنا، عبر تكريس هيبة القانون، ومنع الإفلات من العقاب، وتحقيق أفضل معايير العدالة واحترام حقوق الإنسان.

أيّها السيدات والسادة، إنّ السلوك العنيف هو أداة تدميرية تفتك بالفرد كما بالجماعة، ومتى تأصّل هذا السلوك في العقول والنفوس، أطاح بالقيم الإنسانية والأخلاقية، لا سيما إذا مورس العنف داخل الأسرة، مما يجعل آثاره أشد تدميراً. فالأسرة هي نَواةُ المجتمع، وعلى قدر ما تكون محصنة من العنف والكراهية، يكون المجتمع أقل عرضة لظواهر الإجرام المتنوعة.

إن شراكتنا كقوى أمن داخلي مع منظمة “كفى عنف واستغلال” وسواها من منظمات المجتمع المدني، تأتي نتيجة قناعة راسخة لدينا بأنّ مكافحة ظاهرة العنف الأسري وغيرها من الظواهر الاجتماعية الشاذة، واجب قانوني وإنساني يسهم في تعزيز الأمن والأمان والاستقرار الذي يشكّل علة وجود أي مؤسسة شُرطيّة حول العالم.

أيها الحضور الكريم، إنّ إطلاق قوى الأمن الداخلي مؤخراً خدمة الخط الساخن 1745 المخصص للإبلاغ عن حالات العنف الأسري، هو وسيلة فعالة تحفز ضحايا العنف الأسري على تقديم شكواهم بطريقة سريعة وآمنة، لعلّنا بهذه الخطوة ننقذ أرواحاً كثيرة من براثن العنف والهمجية، مع توفير الملاذ الآمن لهم بالتعاون مع شركائنا من منظمات المجتمع المدني.

لقد خضع العديد من ضباطنا وعناصرنا لتدريبات مكثفة على القواعد المهارية لمعالجة شكاوى العنف الأسري، بالإضافة إلى إعداد مدربين متخصصين في هذا المجال، وأحدث الإنجازات كان إخضاع أربعة وستين عنصراً من الإناث لدورة معمقة في حل النزاعات والتوجيه الاجتماعي، بالشراكة مع منظمة “كفى عنف واستغلال”.

بعملنا هذا، تكون قوى الأمن الداخلي قد خطت خطوات سباقة ورائدة في مجال مكافحة جرائم العنف الأسري وتقديم المساعدة لضحاياها.

ختاماً، إنّ قوى الأمن الداخلي ترحب بالشراكة مع أي جمعية أو مؤسسة غايتها خدمة المجتمع اللبناني الذي نحن جزء لا يتجزأ منه، لننهض وإيّاكم بالفرد والمجتمع إلى أرفع درجات التقدّم والرُقي. وفقنا الله وإياكم في سعينا، عشتم، عاشت قوى الأمن الداخلي، عاش لبنان.