كلودين عون في مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط (Women4Mediterranean 2020) :” جائحة كوفيد-19 أعادت ترتيب أولوياتنا الشخصية والمجتمعية والوطنية، وأظهرت نقاط ضعف ثقافتنا الذكورية التي تميّز ضدّ النساء والفتيات وتسمح بممارسة العنف ضدّهنّ، وأبرزت ضرورة تطوير هذه الثقافة لجعل سبل التصدّي للأزمات أكثر فعالية.”  19/11/2020شاركت السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية في مؤتمر افتراضي للاتحاد من أجل المتوسط بعنوان “نساء من أجل المتوسط” Women4Mediterranean 2020 الذي تمحور حول “تسريع العمل للمساواة بين الجنسين خلال جائحة كوفيد –19”. وهدف هذا المؤتمر إلى استعراض التقدم المحرز في تحقيق المساواة خلال 25 عاماً في المنطقة الأورو-متوسطية، وتحليل تأثير جائحة كوفيد-19على النساء والفتيات، وتسليط الضوء على دور المرأة الرئيسي في الاستجابة لهذا الوباء، وشارك فيه متحدثون رفيعو المستوى من الحكومات والقطاعات الخاصة ومنظمات المجتمع المدني من الدول المشاركة.وألقت السيدة عون كلمة في جلسة عامة حول مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي في وقت الأزمات، قالت فيها: “مهما اختلفت الأوطان بتاريخها وثقافاتها، بعاداتها وتقاليدها، وبخصائصها وقوانينها، تبقى المرأة في معظم الأوطان، من فئات المجتمع الأكثر تأثّراً بالأزمات، والأكثر عرضة للتمييز انطلاقاً من نوعها الاجتماعي ومن هويتها الجنسية.ولا شك أن الحجر المنزلي الذي فرضته أزمة جائحة كوفيد-19 التي غزت العالم، أعاد إلى الواجهة موضوع العنف ضدّ النساء والفتيات إذ تزايد بشكل كبير في هذه الفترة. إضافة إلى ذلك، تعثّر توفير الخدمات اللازمة لضحايا العنف الأسري في ظلّ الإقفال التام الذي شهدته بلدان العالم.”وتابعت:” في لبنان، رصدت قوى الأمن الداخلي من خلال عدد الاتصالات الواردة على الخط الساخن 1745 المخصص لتلقي شكاوى العنف الأسري، ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة جرائم العنف. وتجاه هذه الظاهرة التي حلّت في ظروف اقتصادية فائقة الصعوبة، والتي فاقمها الإقفال التام للمؤسسات والإدارات الرسمية والخاصة التي تقدم الخدمات لضحايا العنف، اتخّذت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية سلسلة إجراءات سريعة.” وأضافت:” أولى المبادرات التي اتخذتها الهيئة، كانت إطلاق حملة توعوية بالتعاون مع قوى الأمن الداخلي دعت من خلالها النساء اللواتي يتعرضن للعنف أو أي شاهد أو شاهدة، إلى عدم التردد في الإبلاغ عنه عبر الاتصال بقوى الأمن على الخط الساخن بهدف معالجة الشكاوى بأسرع وقت ممكن وبطريقة سريعة وفعّالة. بعد ذلك، طلبت الهيئة الوطنية، ووافقت النيابة العامة التمييزية، فتح شكاوى فورية للنساء اللواتي يتعرضن للعنف داخل أسرهنّ، والاكتفاء بالاستماع إلى إفاداتهنّ عبر الهاتف، إذا لم يتمكنّ من الحضور إلى المفرزة القضائية المتخصصة بسبب الحجر المنزلي الذي فرضته الحكومة اللبنانية لمواجهة تداعيات الوباء. وتمّ اعتماد هذه الآلية في تلقي الشكاوى من قبل القضاة، وصدرَت قرارات عدة لحماية الضحايا وأولادهم عبر التقنيات الافتراضية.وأجرت الهيئة الوطنية دراسة حول أشكال العنف ضد النساء والفتيات من حيث طبيعة هذا العنف ووتيرة وقوعه والموقع الجغرافي لحصوله خلال فترة التعبئة العامة، من خلال استمارات أرسلتها إلى الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني التي تتلقى شكاوى العنف الأسري. كما عقدت اجتماعاً موسعاً مع الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني بمشاركة وزارة الشؤون الاجتماعية، واستعرضت التحديات التي تواجهها تلك المنظمات في مجال تأمين الحماية للنساء من العنف الأسري، ونسّقت ما بين الجمعيات وبين المؤسسات الحكومية بهدف مواجهة التحديات التي فرضتها الأزمة الصحية، وتقديم الخدمات اللازمة لضحايا العنف، من خدمات طبية وقانونية واستشارية والاستفادة من ملاجئ الإيواء.” وفي ظلّ ارتفاع عدد شكاوى جرائم الابتزاز والتحرّش الجنسي عبر الانترنت خلال فترة التعبئة العامة، قالت اسيجة عون:” أطلقت الهيئة الوطنية حملة توعوية طلبت من خلالها من المواطنات والمواطنين الاتصال بقوى الأمن الداخلي على خط ساخن خاص بهذه الجرائم، في حال تعرضهم للابتزاز والتحرش الجنسي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذكّرت بمعاقبة القانون لهذه الجرائم.

ومن أبرز ما سعت الهيئة الوطنية إلى تحقيقه نتيجة لارتفاع نسبة العنف الأسري خلال أزمة انتشار الوباء، التواصل مع النواب لحثّهم على التسريع في مسار مناقشة تعديل قانون “حماية النساء وسائر أفراد الأُسرة من العنف الأسري” في المجلس النيابي لتأمين حماية فعّالة للضّحية ولأولادها، والتسريع في مناقشة قانون “تجريم التحرش الجنسي وحماية ضحاياه”.

ومن المتوقع أن يوضع هذان الاقتراحان على جدول أعمال الهيئة العامة لمجلس النواب في وقت قريب بغية إقرارهما.”

وأضافت:” كما عقدت الهيئة واللجنة الدولية للحقوقيين ندوة حول “قواعد الإثبات والممارسات الموصى بها في حالات العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي في لبنان”، والتي هدفت إلى تحديد الثغرات وسبل معالجة مواطن القصور الموجودة في الإطار الإجرائي اللبناني والممارسات المتعلّقة بالأدلة في قضايا العنف الجنسي والعنف المبني على النوع الاجتماعي ومناقشتها واستطلاعها، وهي حالياً تسعى لتنفيذ التوصيات التي خلصت إليها المناقشات في الندوة.

 

وتأتي هذه المبادرات كلها لتندرج أيضاً في إطار تنفيذ لبنان لخطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، ومن أحد محاورها الرئيسية مكافحة العنف المبني على النوع الاجتماعي، وقد باشرت اللجنة المعنية بمسح وتقييم الملاجئ لإيواء ضحايا العنف الأسري وبالعمل لاعتماد تعريفات موحدة لأنواع العنف.”

ورأت أنه “لا شك في أن جائحة كوفيد-19 على الرغم من تداعياتها السلبية على مختلف الأصعدة، أعادت ترتيب أولوياتنا الشخصية والمجتمعية والوطنية، وألقت الضوء على نقاط ضعفنا كأفراد وكمجتمعات، وعلى مكامن الخلل في هيكلياتنا التنظيمية والإدارية في مواجهة الأزمات. كذلك أظهرت هذه الأزمة نقاط ضعف ثقافتنا التقليدية الذكورية التي تميّز ضدّ النساء والفتيات، وأبرزت ضرورة تطويرها وأهمية التركيز على العمل لإحقاق المساواة بين المواطنات والمواطنين ممّا يجعل سبل التصدّي للأزمات أكثر فعالية.”

وختمت:” هنا لا بدّ لي أن أشير، إلى أننا في لبنان تعرضنا هذا العام إلى أبشع أنواع العنف، من الأزمة الاقتصادية الضاغطة، إلى أزمة جائحة كوفيد-19، فانفجار مرفأ بيروت المأساوي. تخيّلوا وقع هذه الأزمات على مجتمعنا ككل، وانعكاساتها على النساء والفتيات خصوصاً، هذه الفئة التي تتأثر عادة بتداعيات الكوارث والشدائد بشكل أكبر.

نأمل ألا نكون مضطرين في المستقبل إلى مواجهة موجة أخرى من الوباء، إلا أن عزمنا على تخطي الصعاب قائم أبداً، كما هي إرادتنا في تحصين مجتمعنا وتدعيمه بالكفاءات المتوفرة لدى نسائه كما لدى رجاله. ولا شك أننا سنواصل الاستفادة من خبراتنا ومن خبرات مختلف دول العالم وتجاربها، لرسم خطط طوارئ بشكل مسبق ممّا يمكّننا من تفعيل قدراتنا لتجاوز الازمات. ”