كلودين عون في الاجتماع الأول للجنة التنسيقية الوطنية المتخصصة بمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي:

“الهمّ الأول لجميع المعنيين بقضايا المرأة هو تحرير المجتمع من عقدة تفوُّق رجاله على نسائه، والعنف المبني على النوع الاجتماعي هو أبشع وجوه عدم المساواة بين الجنسين”.

 

 

06/10/2020 عقدت الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة في لبنان، الاجتماع الأول للّجنة التنسيقية الوطنية المتخصصة بمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي. وأتى هذا الاجتماع متابعة لمقررات اجتماع اللجنة التسييرية لتنفيذ خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الامن ١٣٢٥ حول المرأة والسلام والأمن التي التزمت الحكومة اللبنانية بتنفيذها.

شارك في الاجتماع الذي هدف الى إطلاق عمل اللجنة واعتماد آلية عملها، السيدة كلودين عون رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة والدكتورة نوار دياب نائبة الرئيسة، والسيدة أسمى قرداحي مديرة مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان، والسيدة مهريناز العوضي مديرة مجموعة العدالة بين الجنسين والسكان والتنمية المستدامة في الإسكوا، والسيدة سيلين مويرود الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في لبنان بالإنابة، والسيدة ميرين معلوف أبي شاكر المنسقة الوطنية لتنفيذ خطة العمل الوطنية 1325 وأمينة سرّ الهيئة الوطنية لشؤون المرأة، والسيدة مي مخزومي رئيسة لجنة مناهضة العنف ضد المرأة في الهيئة الوطنية، وأعضاء الهيئة الوطنية. وشارك أيضاً في هذا الاجتماع ممثلات وممثلون عن الوزارات والإدارات المعنية في اللجنة التسييرية لتنفيذ الخطة الوطنية ١٣٢٥، ونقاط ارتكاز النوع الاجتماعي المعتمدون في هذه الوزارات والإدارات وممثلات وممثلون عن منظمات المجتمع المدني الفاعلة في مجال مناهضة العنف ضد المرأة، وعن وكالات الأمم المتحدة المعنية (هيئة الأمم المتحدة للمرأة، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا- الاسكوا، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مكتب صندوق الأمم المتحدة للسكان، اليونيفيل، المفوضية السامية لحقوق الإنسان).

 

افتتح اللقاء بكلمة للسيدة كلودين عون قالت فيها:” ليس من الصدف أن نستهلّ أعمال اللجان التنسيقية لتطبيق الخطة الوطنية للقرار 1325 بلقاء حول مناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي. فالهمّ الأول لجميع المعنيين بقضايا المرأة هو تحرير المجتمع من عقدة تفوُّق رجاله على نسائه، الاسم الأخر لظاهرة عدم المساواة بين الجنسين. فلولا وجود مسوغات ثقافية وقانونية للعنف الذي تتعرض له النساء في مجتمعاتنا لكانت سبل مناهضته أكثر سهولة وأكثر فعالية.”

وتابعت: “لكن، كما الأفراد، تعاني المجتمعات من الأمراض. وهذه تنشأ غالباً من عقد تتكون لديها عبر العصور. وقد ورثت مجتمعاتنا عقدة تفوُّق الرجال على النساء من العهود السابقة للحضارات الإنسانية، حيث كانت القدرة تقاس بالقوة البدنية وكان البقاء على قيد الحياة يُكتب للمخلوق الأقوى جسدياً.”

وأضافت:” ما زالت هذه العقدة ماثلة اليوم في التصرفات ونحن مدعوون إلى تخطيها رجالاً ونساءً، لتمكين مجتمعاتنا من التوصل إلى تحقيق تطلعات أبنائها وبناتها. وظاهرة العنف المبني على النوع الاجتماعي، التي قد لا يخلو من وجودها مجتمع بشري، هي التجسيد الأكثر فظاظة لهذه العقدة، التي بموجبها، يُبرّر المعنف تصرفه تجاه الضحية بمجرد نوع الجنس، فيتجرأ مثلاً على صفع زوجته أو خليلته ويمتنع، في ظرف مماثل، عن تسديد لكمة إلى زميله. وهذه العقدة، التي أشدّد أنها مجتمعية يتشارك في الإصابة بها الرجال كما النساء، هي التي تفسر، في مجالات أخرى وبأشكال أقل وطأة وأخف صدماً ظاهرة اقصاء النساء عن القيادة في مختلف جوانب الحياة العامة في السياسة والشأن العام والاقتصاد والثقافة.

تحدثنا عن عقد وأمراض في المجتمع ولنا أن نبحث في المسببات وسبل اجتثاثها. وهذا هو هدف اجتماعنا اليوم.”

وقالت:” لقد أصدر مجلس الأمن في الأمم المتحدة القرار 1325 للتصدي لظاهرة قيام المتقاتلين في شتى الحروب باستهداف النساء في معسكر العدو كحلقة ضعيفة لديه. وبدى جلياً أن جذور هذا الضعف عميقة في المجتمعات يعود بعضها إلى منظومة ثقافية تتساهل مع فكرة عدم إعارة الأهمية لظاهرة تعنيف النساء. لذا أتى مضمون القرار 1325 متمحوراً حول ضرورات الحماية والوقاية من العنف ومشاركة النساء في القرار واعتماد مقاربة النوع الاجتماعي في معالجة آثار النزاعات وذلك في أوقات السلم كما في أوقات الحرب. ومن خلال اعتمادها للخطة الوطنية لتطبيق القرار الأممي ركّزت الدولة اللبنانية على التدخلات التي من شأنها المساهمة في اقتلاع جذور أسباب هشاشة وضع النساء في مجتمعنا.

إننا نتشارك اليوم في إطلاق العمل في اللجنة التنسيقية المتخصّصة بمناهضة العنف المبني على النوع الاجتماعي، وهي اللجنة المنبثقة عن اللجنة الوطنية التسييرية 1325 التي تشرف الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية على أعمالها. يرمي هذا اللقاء إلى تنظيم العمل المشترك بين الجهات المعنية في القطاع العام والمجتمع المدني وذلك بدعم مشكور تقدمه وكالات الأمم المتحدة في لبنان.

والهدف الذي تتطلع اللجنة المختصة إلى تحقيقه هو توفير حماية متكاملة لضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، وتطوير التشريعات وقدرات المؤسسات الأمنية والقضائية والصحية لجعلها أكثر فعالية في حماية النساء والفتيات.”

وختمت:” إننا نُعوّل على تمسككم بمبادئ المساواة بين الجنسين، على إرادتكم الصلبة في حماية ضحايا العنف المبني على النوع الاجتماعي، وعلى المثابرة في جهودكم لتطوير قدرات المؤسسات، لإنجاح هذا اللقاء ولتحقيق أهدافه. أتمنى لكم اجتماعاً مفيداً ومثمراً.”

بعدها ألقت السيدة أسمى قرداحي كلمة قالت فيها: رغم كلّ التحديات التي يواجهها لبنان، يتبنى صندوق الأمم المتحدة للسكان السعي للحصول على تعهد المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني والمؤسسات الأكاديمية ووسائل الإعلام والقطاعات الأخرى بالعمل معاً لإزالة الحواجز الهيكلية والأعراف الاجتماعية المتحيّزة التي تميّز بين الجنسين وتعيق قدرة المرأة على المشاركة في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية واتخاذ القرارات ذات الصلة بالتالي، أن تنفيذ خطة العمل الوطنية 1325 هو هدف مشترك سيكون لنجاحها تأثير إيجابي علينا جميعاً.”

وتابعت: “في لبنان وفي سياق جائحة COVID-19 أشارت دراسة استقصائية شملت 562 امرأة وفتاة في جميع أنحاء البلاد إن ما يقارب 54% من المستجيبات لاحظن حدوث زيادة في التحرش أو العنف أو الإساءة ضد النساء والفتيات في أسرهنّ أو مجتمعاتهنّ. وأفادت 57% من بين اللواتي تمت مقابلتهنّ أنهنّ شعرن بمستوى أقل من الأمان في منازلهنّ ومجتمعاتهنّ وزيادة المضايقات والعنف وسوء المعاملة ضدّ النساء والفتيات منذ بدء تفشي الفيروس. ومن جهة أخرى تسبب انفجار بيروت منذ شهرين في انتشار عدم الاستقرار الأسريّ وانعدام الأمن المالي والتوترات الأسرية، بالإضافة إلى زيادة من مخاطر العنف ضد النساء والفتيات والإساءة والمضايقات والاستغلال حسب دراسة تحليلية سريعة “.

وأضافت:” لطالما أدرك صندوق الأمم المتحدة للسكان في لبنان أهمية العمل بالتوازي على مختلف الأصعدة بدءاً بتقديم الخدمات وتنمية القدرات ووصلاً إلى وضع سياسات واستراتيجيات تسعى إلى توفير أطر وطنية وعملانية تساهم في إحداث تغييرات إيجابية من شأنها تمكين المرأة ومساعدتها في الحصول على حقوقها. كذلك لطالما قدّر صندوق الأمم المتحدة للسكان شراكته مع الجهات الوطنية وخاصة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية وسيواصل هذا التعاون لتحقيق المساواة بين الجنسين وإنهاء العنف القائم على النوع الاجتماعي وضمان الوصول الشامل إلى الصحة الإنجابية من خلال معالجة عدم المساواة الهيكلية والتركيز على حماية الفئات الضعيفة وخاصة النساء والفتيات.”

وختمت:” اسمحوا لي أن أنهي هذه المداخلة بإشارة لكلمة المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان الدكتورة ناتاليا كانم في اليوم العالمي للسكان على الحاجة إلى لفت الإنتباه إلى هشاشة واحتياجات النساء والفتيات خلال حالات الطوارئ وأزمة فيروس كورونا وعن أهمية حماية الصحة والحقوق الجنسية والإنجابية وإنهاء جائحة الظلّ للعنف القائم على النوع الاجتماعي خاصة في هذه الأوقات الصعبة”.

وحول الدور التنسيقي للهيئة الوطنية لشؤون المرأة قالت السيدة مي مخزومي: “إننا عندما نتكلم عن قضايا المرأة نتكلم حقيقة عن قضايا المجتمع وعندما نتكلم عن حقوق المرأة نعني أولاً، وأخيراً حقوق الإنسان للمرأة، لذا فإن قضايا المرأة تتقاطع فيها فعلاً جميع القضايا التي يعنى بها المجتمع وإحراز التقدم فيها لا يتوفر بالجهود التي تبذلها جهة منفردة، حكومية كانت او خاصة مهما كانت الموارد المستثمرة فيها إنما يكون التقدم ممكناً، بتضافر جهود جميع الجهات الفاعلة في المجتمع.”

وتابعت: “لقد عدد القانون الأطراف الذي يفترض بالهيئة أن تنسِّق فيما بينها، وهي الإدارات والمؤسسات العامة اللبنانية، ومختلف الهيئات الأهلية والمدنية، والهيئات والمنظمات العربية والدولية.

وقالت “إن العمل المتكامل يفترض التفاعل بين الجهات المعنية والتشارك فيما بينها في كل المراحل، من مرحلة تبادل الأفكار إلى مرحلة العمل والتنفيذ مروراً بمرحلة التخطيط. فالتنسيق والتنظيم هو ضروري في كل مرحلة.”

وختمت:” نحن جميعاً مدعوون للعمل يداً بيد للتمكن من التصدي لآفة استسهال ممارسة العنف ضد النساء في الأسرة كما في بيئات العمل وفي أوساط الفئات المستضعفة، علماً انه من الملحوظ عالمياً أن هذا الاستسهال يتضاعف خلال حقبات الأزمات.”

وبعد عرض فيلم قصير حول خطة العمل الوطنية لتطبيق قرار مجلس الأمن 1325 حول المرأة والسلام والأمن، قدمت السيدة ميرين معلوف أبي شاكر عرضاً مفصلاً حول الهيكلية الإدارية لتنفيذ الخطة تضمّن أهمية تنسيق الجهود والآليات التي ينبغي اعتمادها في كافة المراحل.

بعدها شارك الحاضرون في ورشة عمل هدفت إلى تنظيم مجموعات العمل الفرعية وتحديد عضويتها وآليات عملها، أدارتها السيدة ناديا خليفة اختصاصية في مجال المرأة والسلام والأمن في هيئة الأمم المتحدة للمرأة والسيدة ميرين معلوف أبي شاكر.

واختتم الاجتماع باعتماد المقررات والنشاطات المتفق على تنفيذها في المرحلة الأولى التي تمتد على ثلاثة أشهر، وتمّ إطلاق العمل لأربع مجموعات ستتناول: وضع تعريفات موحّدة للعنف ضدّ المرأة لاستخدامها من جانب قوى الأمن الداخلي والمحاكم والمستشفيات ومراكز الخدمات، إجراء تقييم للملاجئ، تطوير مناهج تدريبية وطنية شاملة لإنفاذ القانون، العمل على تطوير قانون مكافحة الاتجار بالبشر واعتماد إجراءات تشغيلية موحدة للقضاء على هذه الجريمة. وسوف تضم مجموعات العمل ممثلات وممثلين عن الوزارات والإدارات والهيئات الحكومية، والمجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة، والجهات المانحة وجهات معنية أخرى.